للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سن الأشياخ الذين كانوا على يساره، فاستأذن فيه أن يعطيهم؛ لئلا يوحشهم بإعطاء ابن عمه وهو صبي ويقدمه عليهم حتى أعلمهم أن ذلك يجب له بالتيامن في الجلوس.

وهل تجري هذِه السنة في غير المشروب كالملبوس والمأكول وغيرهما من جميع الأشياء؟ قال المهلب وغيره: نعم.

وعن مالك أن ذلك في الشراب خاصة. قال أبو عمر: ولا يصح ذلك عنه (١)، قال عياض في بعض الروايات: عمك أو ابن عمك أتأذن لي (٢). وعند أصحابنا لا يجوز الإيثار بالقرب، وإنما الإيثار المحمود ما كان من حظ النفوس دون الطاعات، فيكره أن يؤثر غيره بموضعه من الصف الأول وكذا نظائره (٣).

وفيه: دلالة أن من قدم إليه شيء يأكله أو يشربه فليس عليه أن يسأل من أين هو وما أصله إذا علم طيب مكسب صاحبه في الأغلب.

وفيه: إجازة خلط اللبن بالماء لمن أراد شربه ولم يرد بيعه، وأن من سبق من مجلس العالم إلى مكان كان أولى به من غيره كائنًا من كان، ولا يقام أحد من مجلس جلسه لأحد وإن كان أفضل منه. فلو كان من


(١) "التمهيد" ٦/ ١٥٦ (تنبيه) ذكر الحافظ في "الفتح" ٥/ ٣١: أن البعض ألحق بتقديم الأيمن في المشروب تقديمه في المأكول قال: ونسب لمالك. اهـ. بتصرف. قلت: بل قال القرطبي في "المفهم" ٥/ ٢٩١: قال مالك: إن ذلك في الشراب خاصة.
وقال القاضي عياض في "إكمال المعلم" ٦/ ٤٩٩: يشبه أن يكون قول مالك: إن ذلك في الشراب خاصة -يعني أن فيه جاءت السنة مثبتة بتقديم الأيمن فالأيمن- وغير ذلك إنما هو بالاجتهاد والقياس عليه، والبداية باليمين إنما جاءت في فعل الإنسان بنفسه وتقديمه يمينه من أعضائه في أعماله على شماله. اهـ.
(٢) "إكمال المعلم" ٦/ ٤٩٧.
(٣) "مسلم بشرح النووي" ١٣/ ٢٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>