للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الرجل من قوة الحياء لشدة علمه بمواقع العيب. قَالَ: فالحياء من قوة الجبن ولطفه.

وقال الجنيد: حيي حياء رؤية الآلاء أي: النعم ورؤية التقصير، فيتولد بينهما حالة تسمى الحياء (١). وإنما جعل الحياء من الإيمان وإن كان غريزة؛ لأنه قد يكون تخلقًا واكتسابًا كسائر أعمال البر، وقد يكون غريزة، ولكن استعماله على قوة قانون الشرع يحتاج إلى اكتساب ونية وعلم، فهو من الإيمان لهذا؛ ولكونه باعثًا عَلَى أفعال الخير، ومانعًا من المعاصي، ورب حياء يمنع من الخير، ويجبن عن قول الحق وليس بحياء حقيقة، بل هو عجز وخور، وتسميته حياء من إطلاق بعض أهل العرف، أطلقوه مجازًا؛ لشبهه الحقيقي، وإنما حقيقته خلق يبعث عَلَى اجتناب القبيح، ويمنع من التقصير في حق ذي الحق ونحوه.

فائدة: الحياء أيضًا بالمد والقصر: الفرج من إناث الخف والظلف والسباع، وخصَّ ابن الأعرابي الشاة والبقرة والظبية، وبالقصر: الخصب والمطر، وحكي المد فيها أيضًا (٢).


= "شذرات الذهب" ٣/ ٣٣٠.
(١) أورده ابن القيم في "مدارج السالكين" ٢/ ٢٥٩.
(٢) قال الجوهري: والحياء أيضًا: رحم الناقة، وقال الليث: حَيَا الناقة يُقْصَرُ ويُمَدُّ لغتان. وقال الأزهري: حياء الناقة والشاة وغيرهما ممدود إلا أن يقصره شاعر ضرورة، وما جاء عن العرب إلا ممدودًا، وإنما سُمِّي حياءً باسم الحياء من الاستحياء، لأنه يُستر من الآدمي ويكنى عنه من الحيوان ويُستفحش التصريح بذكره واسمه الموضوع له، وُيستحى من ذلك ويُكنى عنه. وقال الليث: يجوز قَصْرُ الحياء ومدُّه. قيل: وهو غلط لا يجوز قصره لغير الشاعر؛ لأن أصله الحياء من الاستحياء، انظر: "الصحاح" ٦/ ٢٣٢٤، "تهذيب اللغة" ١/ ٩٥٦.