للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال: ففي هذا الحديث وقوف النبي - صلى الله عليه وسلم - على أنه كان يغبن في البيوع، فلم يمنعه من التصرف ولا حَجَرَ عليه (١).

وحجة الجماعة الآية التي ذكرها البخاري وهي قوله تعالى: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِيَامًا} [النساء: ٥] فنهى عن دفع الأموال إلى السفهاء، وقال تعالى: {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} [النساء: ٦] فجعل شرط دفع أموالهم إليهم وجود الرشد، وهذِه الآية محكمة غير منسوخة، ومن كان مبذرًا لماله فهو غير رشيد. وقوله تعالى: {أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ} [هود: ٨٧]. وقال تعالى: {أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ (١٢٨)} [الشعراء: ١٢٨] فخبر -عز وجل- أن أنبياء منعوا قومهم من إضاعة الأموال والعبث، والأنبياء لا تأمر إلا بأمر الله.

واحتجوا بحديث المغيرة: "إن الله كره لكم قيل وقال وإضاعة المال" (٢) وما كره الله لنا فمحرم علينا فعله، وقوله: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ المُفْسِدِينَ} [يونس: ٨١]، {وَاللهُ لَا يُحِبُّ الفَسَادَ} [البقرة: ٢٠٥]. فالمبذر لماله داخل في النهي ممنوع منه.

واحتج الطحاوي على أبي حنيفة، فقال: لما قال له - عليه السلام -: "إذا بايعت فقل: لا خلابة" أي: لا شيء عليَّ من خلابتك إياي، جعل بيوعه معتبرة، فإن كان فيها خلابة لم يجز وليس في هذا الحديث دفع الحجر إنما فيه اعتبار عقود المحجور عليه (٣).


(١) انظر: "مختصر اختلاف العلماء" ٥/ ٢١٥، "مواهب الجليل" ٥/ ٧٤، "البيان" ٦/ ٢٢٨ - ٢٢٩، "المغني" ٦/ ٦٠٩ - ٦١٠.
(٢) سلف برقم (١٤٧٧).
(٣) قاله الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" ١٢/ ٣٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>