للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أكلها وتركها ولا ضمان عليه. حجة مالك أن الشارع أذن في أكل الشاة وأقام الذي وجدها مقام ربها، فقال: "هي لك أو لأخيك أو للذئب" فإذا أكلها بإذن الشارع لم يجز أن يغرم في حال ثانٍ إلا بحجة من كتاب الله أو سنة أو إجماع. قالوا: وهذا أصل في كل ما يؤخذ من الطعام الذي لا يبقى ويسرع إليه الفساد، فلمن وجده أكله إذا لم يمكنه تعريفه ولا يضمنه؛ لأنه في معنى الشاة، والشاة في حكم المباح الذي لا قيمة له، ألا ترى أنه - عليه السلام - وجه تمرة، فقال: "لولا أني أخشى أن تكون من الصدقة لأكلتها" (١) فإنما نبه أنه يجوز أكلها من ملك الغير لو لم تكن من الصدقة؛ لأنها في معنى التافه، فكذلك الشاة في الفلاة لا قيمة لها.

واحتج الطحاوي للكوفيين، فقال: ليس قوله: "هي لأخيك" إلى آخره في معنى التمليك عملًا بقوله: "أو للذئب" لانتفاء الملك منه، إنما يأكلها على ملك صاحبها وينزل على آخر قصتها، فكذلك الواجد إن أكلها أكلها على ملك صاحبها فإن جاء ضمنها له.

وقد روى ابن وهب عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أن رجلًا أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: كيف ترى في ضالة الغنم؟ قال: "طعام مأكول لك أو لأخيك أو للذئب فاحبس على أخيك ضالته" (٢).

فهذا دليل أن الشاة على ملك صاحبها، وأجمع العلماء أن صاحبها لو جاء قبل أن يأكلها الواجد لها أخذها منه، وكذلك لو ذبحها أخذها منه مذبوحة، وكذلك لو أكل بعضها أخذ ما وجد منها، فدل على أنها


(١) سيأتي برقم (٢٤٣١) كتاب اللقطة، باب: إذا وجد تمرة في الطريق.
(٢) رواه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" ٤/ ١٣٥ (٦٠٧١)، والدارقطني ٤/ ٢٣٦ والبيهقي ٤/ ١٥٢ - ١٥٣ من طرق عن ابن وهب.

<<  <  ج: ص:  >  >>