للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقوله: (فينتثل) هو بمثناة ثم نون ثم مثناة فوق ثم مثلثة، وبخط الدمياطي بالقاف بدلها ثم لام، أي: ينتثر، يقال: نثلت الشيء بمعنى: نثرته مرة واحدة، يقال: نثل ما في كنانته إذا صبها ونثرها، ولما حكى النووي المقالة السالفة عن بعض المحدثين عزاها لبعض السلف أيضًا، وحكاها في أنه لا يلزمه البدل ثم ضعفه.

فإن قلت: كيف شرب الصديق من غنم الراعي حين الهجرة وأعطاه الشارع أيضًا كما سيأتي؟

قلت: ذاك من باب الإدلال على صاحبها لمعرفته إياه، أو أنه كان يعلم أنه أذن للراعى أنه يسقي منه من مرَّ به، أو أنه كان عرفه أنه أباح ذلك، أو أنه مال حربي لا أمان له (١).

وقال ابن أبي صفرة: حديث الهجرة في زمن المكارمة وهذا في زمن التشاح لما عَلم - عليه السلام - من تغير الأحوال بعده، أو أن هذا الحديث محمول على التسور والاختلاس.

وحديث الهجرة لم يتسور الشارع ولا الصديق، وإنما سأل الصديق الراعي هل أنت حالب لنا؟ والراعي في المال له عادة العرب، فلذلك أجاز - عليه السلام - شرب ما حلبه. وكذلك عادة العرب في الحلب على الماء، ولابن السبيل مباحة، وكل مسترعى له مثل ذلك في الذي استُرعي، كالمرأة في بيت زوجها تعطي اللقمة من ماله والتمرات والكف، وقال - عليه السلام -: "إنها أحد المتصدقين" (٢).

وقال أشهب: خرجنا مرابطين للإسكندرية فمررنا بجنان الليث بن


(١) "صحيح مسلم بشرح النووي" ١٢/ ٢٩.
(٢) سلف برقم (٢٢٦٠) كتاب الإجارة، باب: استئجار الرجل الصالح.

<<  <  ج: ص:  >  >>