للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال آخرون: إنما تصح البراءة إذا بين له وعرف ماله عنده أو قارب ذلك بما لا مشاحة في مثله، وهذا الحديث حجة لهذا؛ لأن قوله - عليه السلام -: "أخذ منه بقدر مظلمته" يدل أنه يجب أن يكون معلوم القدر مشارًا إليه.

وكان ابن المسيب لا يحلل أحدًا، وكان ابن يسار يحلل من العرض والمال.

قال مالك: أما من المال فنعم، وأما من العرض فإنما السبيل على الذين يظلمون الناس.

قال الداودي: أحسب مالكًا أراد إن أصاب من عرض رجل لم يجز لوارثه أن يحلله.

قال ابن التين: وأراه خلافًا لقول مالك؛ لأنه قال: إن مات ولا وفاء عنده فالأفضل أن يحلله، وأما من ظلم أو اغتاب فلا، وذكر الآية. وكان بعضهم يحلل من ظلمه، ويتأول: (الحسنة بعشر أمثالها)، وكان القاسم يحلل من ظلمه.

وجاء رجل إلى ابن سيرين فقال له: يا أبا بكر، اجعلني في حل فقد اغتبتك. فقال: لا أحل ما حرم الله، ولكن ما كان من قبلي فأنت في حل (١).

وقال الخطابي: إذا اغتاب رجل رجلًا فإن كان بلغ المقول فيه ذلك فلابد أن يستحله، وإن لم يبلغه استغفر الله ولا يخبره، وأما التحلل في المال فإنما يصح ذلك في أمر معلوم، وقال بعض أهل العلم: إنما يصح ذلك في المنافع التي هي أعراض مثل أن يكون قد غصبه دارًا فسكنها أو دابة فركبها أو ثوبًا فلبسه أو تكون أعيانًا فتلفت، فإذا تحلل منها


(١) رواه ابن سعد في "الطبقات" ٧/ ٢٠٠، وأبو نعيم في "الحلية" ٢/ ٢٦٣، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" ٣٥/ ٢١٢ - ٢١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>