للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثم قال: الحديث الذي فيه النهي صحيح الإسناد، والذي فيه الإباحة ليس بذاك القوي؛ لأن في سنده اضطرابًا، وإن صح فيحتمل نسخه للنهي (١).

وقال الحازمي -وقد ذكرهما-: الإسناد الأول أصح وأشهر من الثاني، غير أن الخطب في هذا الباب يسير؛ لأنه ليس من باب العبادات والتكاليف، وإنما هو من قبيل المصالح الدنياوية فيكفي في ذلك الحديث الثاني، ثم يشيده إجماع الأمة على خلاف ذلك، ثم قيل: إن النهي كان حيث كان العيش زهيدًا والقوت متعذرًا؛ مراعاة لجانب الضعفاء والمساكين؛ حثًّا على الإيثار والمواساة ورغبة في تعاطي أسباب المعدلة حالة الاجتماع والاشتراك، فلما اتسع الحال قال: فشأنكم إذًا (٢).

إذا تقرر ذلك، فالإذن لا يكون إلا فيما يملكه الذي أذن فيه كما أذن صاحب اللحم للرجل الذي جاء مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجاز له الأكل من ذلك الطعام، وكما أجاز - عليه السلام - القرآن في التمر -إذا أذن فيه أصحابه- الذي وضع بين أيديهم؛ لأنهم متساوون في الاشتراك في أكله، فهذا استأثر أحدهم بأكثر من صاحبه لم يجز له ذلك من الاستئثار بما لا تطيب عليه نفس صاحب الطعام، ولا أنفس الذين بين أيديهم إلا ما وضع للناس، فسبيله سبيل المكارمة لا سبيل التشاح وإن تفاضلوا في الأكل.

وقوله: (نهى عن الإقران): كذا في البخاري، والمعروف خلافه.


(١) "ناسخ الحديث ومنسوخه" ص ٤٣٨ - ٤٣٩.
(٢) "الاعتبار" ص ١٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>