للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فنزل: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: ٢٨٦] قال: "نعم". {رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا} [البقرة: ٢٨٦]. قال: "نعم". إلى آخر السورة (١).

فحديثُ النفسِ والوسواسِ لا يدخل تحت طوق العبد، وإنما غاية قدرته أن يعرض عنه، ولو حَدَّثَ نفْسَهُ بمعصيةٍ لم يؤاخذ، فإذا عَزَمَ خَرَجَ عن تحديثِ النفسِ ويصيرُ مِن أعمالِ القلبِ، فإنْ عَقَدَ النيةَ على الفعلِ فحينئذ يَأْثمُ بنيةِ الشِّر، وبيانُ الفرق بين النيةِ والعزمِ أنه لو حدث نفسه في الصلاة بقطعِهَا لم تنقطع، فإذا عَزَمَ حَكَمْنُا بقطعهِاَ، وقد سئل (الهروي) (٢): أيؤاخذُ الإنسانُ بالهمة؟ قال: إذا عزم (٣). وقال: الملكان يجدان ريح الحسنات والسيئات إذا عقد القلب (٤).

وقوله: "ما وسوست به صدورها" وفي رواية: "ما حدثت به أنفسها". الرواية بالنصبِ على أنه مفعول حَدَّثَت، وأهلُ اللغةِ يرفعون على أنه فاعل، قاله القرطبي (٥).

وقال عياض: الهمُّ: ما يمر في الفكرِ من غيرِ استقرار ولا توطن، فإن استقر وَوَطَّنَ قلبَهُ عليه كان عزمًا يؤاخذ به أو يثاب عليه (٦).

قال القرطبي: وما ذهب إليه هو الذي عليه عامة السلف وأهل العلم


(١) مسلم (١٢٥) كتاب: الإيمان، باب: قوله تعالى: {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ}.
(٢) كذا بالأصل، وفي "الحلية": سفيان الثوري.
(٣) "الحلية" ٦/ ٣٧٩.
(٤) "الحلية" ٧/ ١٥.
(٥) "المفهم" ١/ ٣٤٠ وأشار إلى أنه قول الطحاوي.
(٦) "إكمال المعلم" ١/ ٤٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>