للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والفقهاء والمحدثين والمتكلمين، ولا يلتفت إلى من خالفهم في ذلك، فزعم أن ما يهم به الإنسان وإنْ وَطَّنَ به لا يؤاخذ به، متمسكًا في ذلك بقوله تعالى: {وَلَقَدْ هَمَّتْ} [يوسف: ٢٤] وبقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ما لم تعمل أو تكلم" ومن لم يعمل بما عزم عليه ولا نطق به فلا وأما الآية فَمِنَ الهمِّ ما يؤاخذ به وهو ما استقر واستوطن، ومنه ما يكون أحاديث لا تستقر فلا يؤاخذ بها، كما شَهِدَ به الحديث، يوضح ذلك حديث أبي كبشة عمرو بن سعد سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (١). فذكر حديثًا فيه: "قالت الملائكة: ذاك عبدك يريد أن يعمل سيئة وهو أبصر به".

وزعم الطبري أن فيه دلالة أن الحفظة يكتبون أعمال القلوب، خلافًا لمن نفاه، ولا تكتب إلا الأعمال الظاهرة (٢).

رابعها: قوله: (ولا نية للناسي ولا المخطئ) كذا في الأصول، وذكره ابن التين أولًا بلفظ: "الخاطئ"، ثم قال: وفي رواية غير أبي الحسن: "المخطئ" وهو أشبه بالتبويب؛ لأن الخاطئ: المذنب المتعمد للذنب، وأخطأ إذا لم يتعمد وهو الأشبه بالناسي الذي قَرَنَهُ في التبويب، وقد قيل في قوله تعالى: {إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: ٢٨٦] أي: خطئنا، أي: أذنبنا. وقيل: معناه: دخلنا في الخطيئة، مثل: أَصَبْحَ وأَظْلَمَ إذا دَخَلَ في ذلك.

قال الداودي: إنما الخطأ في الطلاق والعتاق، يريد إن تلفظ بشيء فيخطئ لسانه فيلفظ بالطلاق أوالعتاق، مثل أن يريد أن يقول: ادخل


(١) العبارة هنا مبتورة، وتمامها من "المفهم": يقول: "إنما الدنيا لأربعة نفر … " الحديث إلى آخره اهـ.
(٢) إلى هنا انتهى نقل المصنف من "المفهم" ١/ ٣٤١ - ٣٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>