وقال المزني: يحتمل أن يكون أجاب فيه على المسألة، فأعلمهم بالحكم أن هذا يكون إذا ادعى صاحب فراش وصاحب زنا لا أنه قبل قول سعد على أخيه ولا على زمعة قول ابنه عبد بن زمعة أنه أخوه؛ لأن كل واحد منهما أخبر عن غيره، وقد قام الإجماع على أنه لا يقبل إقرار أحد على غيره، فحكم بذلك ليعرفهم الحكم في مثله إذا نزل، وقد حكى الله تعالى مثل ذلك في قصة داود:{إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ}[ص: ٢٢] ولم يكونا خصمين، ولا كان لواحد منهما تسع وتسعون نعجة، ولكنهم كلموه ليعرف ما أرادوا، فيحتمل أن يكون حكم في هذِه القصة بنحو ذلك، ويحتمل أن تكون سودة جهلت ما علم أخوها عبد بن زمعة فسكتت، فلما لم يصح أنه أخ لعدم البينة بذلك، [أو]، (١) الإقرار فيمن يلزم إقراره وزاده بُعدًا شبهه بعتبة أمرها بالاحتجاب منه، فكان جوابه عن السؤال لا على تحقيق زنا عتبة بقول أخيه، ولا بالولد أنه لزمعة لقول ابنه، بل قال:"الولد للفراش" على قولك يا عبد بن زمعة، لا على ما قال سعد، ثم أخبر بالذي يكون إذا ثبت مثل هذا.
وقال الكوفيون: قوله: "واحتجبي منه يا سودة" دليل أنه جعل للزنا حكمًا فحرم به رؤية ذلك المستلحق لأخته سودة. وقال لها:"احتجبي منه" فمنعها من أخيها في الحكم؛ لأنه ليس بأخيها في غير الحكم؛ لأنه من زِنًا في الباطن إذا كان شبيهًا بعتبة، فجعله كأنه أجنبي لا يراها بحكم الزنا، وجعله أخاها بالفراش، وزعموا أن ما حرم الحلال فالزنا أشد تحريمًا له.
(١) في الأصل: و، وكذا في النسخة التي اعتبرها محقق "شرح ابن بطال" أصلًا، لكنه أثبت (أو) من نسخة أخرى سماها (هـ) وهو الأليق بالمعنى.