وإنما ذكر البخاري هذا هنا؛ لأنه استنبط منه أن العم وابن العم لا يعتقان على من ملكهما من ذوي رحمهما؛ لأن الشارع قد ملك من عمه العباس ومن ابن عمه عقيل بالغنيمة التي له فيها نصيب، وكذلك ملك علي منها المشركين في ذلك الوقت بنصيبه من الغنيمة ولم يعتقا عليه.
وهذا حجة على من قال من السلف: إن من ملك ذا رحم محرم أنه يعتق عليه، وهو قول الكوفيين.
وفيه حجة للشافعي في قوله: إنه لا يعتق الأخ على من ملكه؛ لأن عقيلًا كان أخا علي، فلم يعتق عليه بما ملك من نصيبه منه.
وقد اختلف العلماء فيمن يعتق على الرجل إذا ملكه، فذهب مالك أنه لا يعتق عليه إلا أهل الفرائض في كتاب الله تعالى، وهم الولد ذكرًا كان أو أنثى، وولد الولد وإن سفلوا، وأبوه وأجداده وجداته من قبل الأب والأم وإن بعدوا، وإخوته لأبوين أو لأب أو لأم (١)، وبه قال الشافعي، إلا في الإخوة فإنهم لا يعتقون على ما سلف في الباب.
وقال الكوفيون: من ملك ذا رحم محرم عتق عليه (٢)، وروي ذلك عن عمر (٣) وابن مسعود، وعن عطاء والشعبي والحسن والحكم والزهري (٤). وحجتهم ما رواه ضمرة عن الثوري، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر مرفوعًا؟ "من ملك ذا رحم محرم، فهو حر"(٥)
(١) انظر: "المدونة" ٢/ ٣٨٥.
(٢) انظر: "الهداية" ٢/ ٣٣٥.
(٣) رواه النسائي في "الكبرى" ٤/ ١٧٣ (٤٩٠٣).
(٤) انظر: "الإشراف على مذاهب أهل العلم" ٣/ ١٨١.
(٥) رواه ابن ماجه (٢٥٢٥)، والنسائي في "الكبرى" ٣/ ١٧٣ (٤٨٩٧)، وضعفه.