للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قلت: ويبعد أن يكون قبل التحريم، ولا شك أن هدية ما يكره لبسه مباحة؛ لأن مِلكه جائز ولصاحبه التصرف بالبيع والهبة ممن يجوز لباسه له، كالنساء والصبيان، وإنما حَرُمَ على الرجالِ خاصةً دون ملكه.

قال المهلب: وإنما كره - عليه السلام - الحرير لابنته؛ لأنها ممن يرغب لها في الآخرة كما يرغب لنفسه، ولا يرضى لها تعجيل طيباتها في حياتها الدنيا، فدل هذا على أن النهي عن الحرير إنما هو من جهة السرف؛ لأن الحديث [الذي] (١) يروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في تحريم الحرير، قد سألت عنه أبا محمد الأصيلي، ووقفته على لفظة (حرام). فقال لي: لا تصح لفظة (حرام). البتة، وإن صحت فإنما معناها حرام (تحريم) (٢) السنة، وحرام دون حرام، وهو كقوله - عليه السلام -: "كل ذي ناب من السباع حرام" (٣) وفي ذلك الحديث "حل لإناثها".

قلت: وقد صح فقد كره لابنته وهو حلال، فكذلك كما كره للرجال من أجل السرف.

وقال ابن بطال: من جعل تحريم الحرير كتحريم كل ذي ناب من السباع فذلك دليل على التحريم؛ لأن جمهور الأمة على تحريم ذلك الذي هو ضد التحليل (٤)، فكيف يحتج هذا القائل بما يخالفه فيه أكثر الأمة (٥).


(١) زيادة من ابن بطال ٧/ ١٢٧ يقتضيها السياق.
(٢) كذا في الأصل، وأشار محقق "شرح ابن بطال" ٧/ ١٢٧ إلى أنها كذا في النسخة التي اعتبرها أصلًا، لكنه أثبت (تحرمه) من نسخة أخرى سماها (هـ).
(٣) مسلم (١٩٣٣) كتاب: الصيد والذبائح، باب: تحريم أكل كل ذي ناب.
(٤) كذا بالأصل، ونصها في ابن بطال: لأن جمهور الأمة على أن تحريم كل ذي ناب من السباع على التحريم البين الذي هو ضد التحليل. ا. هـ
(٥) "شرح ابن بطال" ٧/ ١٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>