للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأما حديث الزهري فإنه أراد عندي حديث عروة، عن عائشة أن رجلًا أقطع نزل على أبي بكر، فجعل يطيل الصلاة بالليل قال: وكان حماد بن زيد يختلف إلى أبواب جماعة، فخرج واحد إلى اليمن،

فحدث، عن أيوب بأحاديث وكأنه ليس من حديث أيوب (١).

قلت: وهذِه المرأة اسمها فاطمة بنت الأسود (٢)، ووجه إدخال البخاري حديث عائشة في الباب لقولها فيه: (فحسنت توبتها)؛ لأن فيه دلالة أن السارق إذا تاب وحسنت حاله، قبلت شهادته.

وأما حديث زيد بن خالد فوجه إدخاله هنا أنه - عليه السلام - لم يشترط عليه بعد الحد والتغريب شيئًا، ولو كان شرطًا فمقبول شهادته لذكره، وإنما ذكر قول الثوري وأبي حنيفة ليلزمهم التناقض في قولهما إن القاذف لا تجوز شهادته وهم يجيزونها في مواضع، وأجاز الثوري شهادة العبد إذا جلد قبل العتق (٣).

وهذا تناقض؛ لأن من قذف فقد فسق، وليس العتق توبة، وهو لو قذف بعد العتق وتاب لم تجز شهادته عنده، وكذلك أجاز قضايا المحدود في القذف، وهذا تناقض؛ فكيف تجوز قضايا المحدود ولا تجوز شهادته؟ وكذلك يلزم أبا حنيفة التناقض في إجازته النكاح بشهادة محدودين، وإنما أجاز ذلك؛ لأن من مذهبه أن الشهود في النكاح خاصة على العدالة، وفيما سوى ذلك على الجرحة، وهذا تحكم.


(١) "علل ابن أبي حاتم" ١/ ٤٦٧ - ٤٦٨.
(٢) انظر: "الطبقات الكبرى" ٨/ ٨٦٣، "الاستيعاب" ٤/ ٤٤٦ (٣٤٨٧)، "الإصابة" ٤/ ٣٨٠ (٨٣٢).
(٣) رواه عبد الرزاق في "المصنف" ٨/ ٣٦٤ (١٥٥٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>