للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وإنما فهم - صلى الله عليه وسلم - الجور في ذلك بقولها: (لا أرضى حتى تشهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) مع علمه بميله إليها، وتجشم مسرتها.

ففيه: دليل أن الحاكم يحكم بما يفهم من المسائل، كما فهم الشارع أنه يطلب رضاها وتفضيل ولدها على إخوته، فهذا هو الجور.

وفي قوله: "إني لا أشهد على جور" ألا يضع أحد اسمه على وثيقة لا تجوز، ومن العلماء من رأى أن يضع اسمه في وثيقة الجور؛ ليكون شاهدًا عليه بأنه فعل ما لا يجوز له؛ ليرد فعله وإن تعمد ذلك كان في الشهادة عليه جرحة تسقط شهادته، والقول الأول الذي يوافق الحديث أولى. وفي حديث عمران تعديل القرون الثلاثة على منازل متفاضلة، وشمول التجريح لمن يأتي بعدهم، وصفة من لا تُقبل شهادته ممن يشهد على ما لم يشهد عليه، ويخون فيما اؤتمن، ولا يفي بما حلف عليه، فهذِه صفات الجرحة.

ومعنى: "يَظْهَرُ فِيهِمُ السِّمَنُ" أنه ليس لهم في الدنيا إلا كثرة الأكل واتباع اللذات، ولا رغبة لهم في أسباب الآخرة؛ لغلبة شهوات الدنيا عليهم، ولا شك في ذم السمن للرجال لمن استعمله وأحبه، دون من طبع عليه.

وقوله: "وَيَشْهَدُونَ وَلَا يُسْتَشْهَدُونَ" قال الخطابي: قد يكون هذا في (اتخاذ) (١) الشهادة في الزور من غير استشهاد أو إشهاد.

وفيه: دلالة على أن من شهد لرجل أو عليه عند الحاكم من غير استشهاد، كانت شهادته هدرًا لا توجب حكمًا (٢).


(١) في "أعلام الحديث" ٢/ ١٣٠٦ (إعارة).
(٢) "أعلام الحديث" ٢/ ١٣٠٥ - ١٣٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>