للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وما قاله عن الزهري في ابن عباس فإنما هو تَهْوِيلٌ لا احتجاج، أترى لَوْ شَهِدَ ابن عباس لأبيه أو لابنه أو لمملوكه أكانت تُقْبل شهادتُه؟ وكان أفقه من أن يشهد فيما لا يجوزُ قبول شهادته فيه، وما ذكره من سماعه - عليه السلام - قراءة رجل بيان أنَّ كلَّ صائتٍ وإن لم يُرَ مصوته يُعرف بصوته؛ لأنه إنما ترحَّمَ عليه، (فإذ كان إيَّاهُ كان نسي أو أسقط) (١)؛ إلا أنه شهد أنه فلان. وما ذكره من قصةِ مَخْرَمة فإنما يريدُ محاسن الثوب مسًّا لا إبصارًا له بالعين.

ثم قال (٢): هذا شيء لا يتعداه إلى غيره؛ لأنه لا ضرر على غيره منه، ومن معرفته ثوب يوهب له أو جهله، والشهادة بشيء احتيج إليها؛ لأجل الحق بها من العين، وهي البصراء، مندوحة عن الأضواء، وما لا بد للأعمى منه في نفسه فهو مضطر إليه لا سبيل إلى تكليفه فيه غير الممكن، ومن حيث تعلم قلة اشتباه الأصوات والتباسها علينا في الكثير من الناس، كذلك تعلم قلة الاشتباه من الصوت حيث يلتبس على المبصر إلا نادرًا دليل على الشهادات المأخوذ منها بالتثبت مخالفة لما يجري على السهولة، وقد يأذن الصغير والضرير على الإنسان في داره ثم لا تُقبل شهادة الصغير، وكذلك الضرير. هذا آخر كلامه، وما حكاه البخاري عن جماعات استفتح بهم الباب شاهد له، وكذا معرفة عائشة صوت سليمان؛ لأنها لم تره (حالتئذٍ) (٣)، وابن أم مكتوم وإن كان لا ينادي حتى يقال له: أصبحت.


(١) كذا في الأصول، ولم يتضح لنا معناها، والله أعلم.
(٢) أي: الإسماعيلي.
(٣) رسمت في الأصل: (حالة إذنٍ).

<<  <  ج: ص:  >  >>