للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فمن سمع بلالًا فقد اعتمد على صوته في الأكل والشرب، وبعث ابن عباس الرجل ظاهر في الاعتماد عليه، واكتفى بخبر الواحد مع قرائن الأحوال، كما نبه عليه ابن المنير، ولعل البخاري يشير بحديث ابن عباس إلى شهادة الأعمى على التعريف أي: تعرف أن هذا فلان فإذا عرف شهد، وشهادة التعريف مختلف فيها عند مالك، وكذلك البصير إذا لم يعرف نسب الشخص يعرفه نسبه من يثق به، فهل يشهد على فلان بن فلان بنسبه أو لا مختلف فيه أيضًا (١).

وقد اختلف العلماء في شهادة الأعمى فأجازها سوى من ذكره البخاري مالك والليث، فيما طريقه الصوت، وسواء علم ذلك قبل العمى أو بعده، قال مالك: وإن شهد على زنا حُدّ للقذف ولم تقبل شهادته (٢)، وقال النخعي وابن أبي ليلى: إذا علمه قبل العمى جازت، وما علمه في حال العمى لم يجز، وهو قول أبي يوسف والشافعي (٣).

قلتُ: ويجوزُ عندنا فيما إذا قاله في إذنه وتعلَّقَ به وشهد عند قاضٍ، وفي الاستفاضة والترجمة، وقال أبو حنيفة ومحمد: لا تجوزُ شهادتُهُ بحالٍ (٤).

حجةُ المجيزِ: سماعه - عليه السلام - صوتَ عبادٍ ودعا له، وسمع صوتَ مَخْرَمة من بيته فعرِفَه، وكذلك عرفان عائشة صوت سليمان.


(١) "المتواري" ص ٣٠٨.
(٢) انظر: "شرح ابن بطال" ٨/ ٣٤.
(٣) انظر: "مختصر اختلاف العلماء" ٣/ ٣٣٦.
(٤) انظر: "مختصر اختلاف العلماء" ٣/ ٣٣٦، "الأم" ٧/ ٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>