للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حلف صاحب الحق أن حقه لَحَق، وثبت حقه على صاحبه، فهذا مما لا اختلاف فيه عند أحد من الناس، فمن أقر بهذا فليقر باليمين مع الشاهد (١). يريد مالك أنه إذا حلف صاحب الحق فإنه يقضي له بحقه ولا شاهد معه، فكيف بمن معه شاهد؟ فهذا أولى أن يحلف مع شاهده، ولا يعرف المالكيون في كل بلد غيره إلا عندنا بالأندلس، فإن يحيى بن يحيى زعم أنه لم ير الليث يفتي به ولا يذهب إليه، وخالف مالكًا في ذلك مع مخالفة السنة، وزعم من رد اليمين مع الشاهد بأنه منسوخ بالآية الكريمة {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} [البقرة: ٢٨٢] ورأى مالك أن يحلف الرجل مع شهادة امرأتين في الأموال، ويستحق حقه، كما يحلف مع الشاهد، وتحلف المرأة مع الشاهد الواحد كما يحلف الرجل، ويقال للكوفيين: ليس هذا بخلاف القرآن والسنة كما توهمتموه، وإنما هو زيادة بيان؛ كنكاح المرأة على عمتها وخالتها مع قوله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: ٢٤].

ومثل المسح على الخفين مع ما نزل به القرآن في غسل الرجلين ومسحهما، فكذلك ما قضى به الشارع من اليمين مع الشاهد مع الآية، ويقال لهم: إن مالكًا أوجب القصاص في الجراح باليمين مع

الشاهد (٢).

قال في "المدونة": كل جرح فيه قصاص، فإنه يقضى فيه بيمين وشاهد (٣)، وقاله عمر بن عبد العزيز.


(١) "الموطأ" ص ٤٥١ - ٤٥٢.
(٢) "التمهيد" ٢/ ١٥٣ - ١٥٥ بتصرف.
(٣) "المدونة" ٤/ ٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>