للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قلت: قد رواه جرير بن حازم عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس متصلًا أخرجه الطبراني (١) والحاكم في "مستدركه" وقال: صحيح على شرط البخاري (٢).

وهذا الحديث: إنما هو في رمي أحد الزوجين صاحبه فهو الذي يقال له: أنطلق ائت بالبينة؛ لأن الزوجين ليس بينهما جلد، وإنما يسقط بينهما بالتلاعن، والأجنبيون بخلاف حكم الزوجين في ذلك، فإذا قذف أجنبي أجنبيًّا، لم يترك لطلب البينة، ولا يضمنه أحد بل يحبسه الإمام، خشية أن يفوت أو يهرب ويرتاد من يطلب بينته، وإنما لم يضمنه أحد؛ لأن الحدود لا كفالة فيها ولا ضمان؟ لأنه لا يحد أحدٌ عن أحدٍ.

وقوله: "البينة وإلا حد في ظهرك" كان قبل (نزول حكم) (٣) اللعان على ظاهر قوله: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ المُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [النور: ٤] يدخل في حكم الآية الزوجان وغيرهما، فلما نزل قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النور: ٦] وحكم الله تعالى باللعان بين الزوجين بخلاف حكم الأجنبيين، وخص الزوجين بألا يحد المتلاعن إلا أن يأبى من اللعان، وكذلك المرأة إذا أبت من اللعان بعد لعان الزوج حدت بخلاف أحكام الأجنبيين أنه من لم يقم البينة على قذفه وجب عليه الحد؛ لقوله - عليه السلام -: "وإلا حد في ظهرك". (وقال ابن التين: قوله: "وإلا حد في ظهرك". يحتمل أن يكون أخبر بموجب الحكم فيمن قذف، ويكون الحكم موقوفًا حتى يقوم به المقذوف، ويحتمل


(١) الطبراني ١١/ ٣٢٣ (١١٨٨٣).
(٢) "المستدرك" ٢/ ٢٠٢.
(٣) في الأصل: حكم نزول، والمثبت من ابن بطال ٨/ ٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>