للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأن عثمان ردت عليه اليمين عند المنبر فافتدى منها. وقال: أخاف أن توافق قدرًا فيقال: إنه بيمينه.

قال المهلب: وإنما أمر أن يحلف في أعظم موضع من المسجد؛ ليرتدع أهل الباطل. وهذا مستنبط من قوله تعالى: {تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللهِ} [المائدة: ١٠٦] فاشتراط بعد الصلاة؛ تعظيمًا للوقت وإرهابًا؛ لشهود الملائكة ذلك الوقت، فخصوصية وقت التعظيم كخصوصية موضعه، ألا ترى ما ظهر من تهيب زيد بن ثابت للموضع، فمن هو دون ذلك من أهل المعاصي والخائفين من العقوبات أولى أن يرهبوا المكان العظيم (١).

وقال ابن التين: التغليظ بالمكان قاله مالك والشافعي؛ لقوله - عليه السلام -: "من حلف عند منبري هذا على يمين؛ ليقتطع بها مال مسلم .. " الحديث. ولا حجة فيه؛ لأنه لم يتكلم على موجب ذلك وصفته في الدنيا، وأيضًا فإن مروان قال لزيد: والله ما يحلف إلا عند مقاطع الحقوق. ولم ينكر

عليه زيد، ولو قال له زيد: ما هذا. على ما خالفه مروان.

وروي أن مروان قضى على زيد حين نكل عن اليمين عند المنبر، وقاله مالك، قال: فإنما كره زيد يمين الصبر. يعني: اليمين التي يقام صاحبها بحضرة الناس حتى يحلف.

وقد اختلف في عشر مسائل:

الأولى: ما الذي يغلظ فيه من الحقوق، وقد سلف عن مالك ربع دينار فأكثر، وعن الشافعي في عشرين دينارًا فأكثر، ونقل القاضي في "معونته" عن بعض المتأخرين أنه تُغَلّظ في القليل والكثير (٢).


(١) "شرح ابن بطال" ٨/ ٦٣ - ٦٥.
(٢) "المعونة" ٢/ ٤٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>