للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال أبو حنيفة وصاحباه: لا يجب استحلاف أحد عند منبر المدينة ولا بين الركن والمقام في قليل الأشياء ولا في كثيرها ولا في الدماء ولا غيرها، لكن الحكام يحلفون من وجبت عليه اليمن في مجالسهم (١).

وإلى هذا القول ذهب البخاري، ونقل ابن بطال عن مالك أنه لا يحلف عند منبر إلا منبر المدينة، واعتبر القطع، واعتبر الشافعي الزكاة، وكذا عند منبر كل مسجد.

وروى ابن جريج عن عكرمة قال: أبصر عبد الرحمن بن عوف قومًا يحلفون بين المقام والبيت فقال: أعلى دم؟ فقيل: لا. فقال: أفعلى عظيم من المال؟ قال: لا. قال: لقد خشيت أن يتهاون الناس بهذا

المقام.

قال: ومنبر النبي - صلى الله عليه وسلم - في التعظيم مثل ذلك؛ لما ورد فيه من الوعيد على من حلف عنده بيمين كاذبة.

واحتج أبو حنيفة بأنا روينا عن زيد بن ثابت أنه لم يحلف عند المنبر وخالفتموه إلى قول مروان بغير حجة قال: وليس قوله - عليه السلام -: "من حلف على منبري هذا .. " يوجب أن الاستحلاف لم يجب، واحتج عليه الشافعي فقال: لو يعلم زيد أن اليمين عند المنبر غير سنة لأنكر ذلك على مروان.

وقال: (والله لا أحلف إلا في مجلسك .. ) إلى آخر ما أسلفناه عنه.

قال ابن بطال: واليمين عند المنبر بمكة والمدينة لا خلاف فيه في قديم ولا حديث، وإن نقل الحديث فيه تكلف لاجتماع السلف عليه، ولقد بلغني أن عمر حلف عند المنبر في خصومة كانت بينه وبين رجل.


(١) "الاستذكار" ٢٢/ ٨٧ - ٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>