للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وحكى أبو عبيد أن عمر بن عبد العزيز حمل قومًا اتهمهم بفلسطين إلى الصخرة، فحلفوا عندها، قال: وذهب الشافعي إلى نحو قول مالك، إلا أنه لا يرى اليمين عند منبر المدينة، ولا بين الركن والمقام بمكة إلا في عشرين دينارًا فصاعدًا.

قال الشافعي: وقد عاب قولنا هذا عائب ترك فيه موضع حجتنا لسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والآثار بعده عن أصحابه.

وزعم أن زيد بن ثابت: كان لا يرى اليمين على المنبر، وإنا روينا ذلك عنه وخالفناه إلى قول مروان بغير حجة، قال: وهذا مروان يقول لزيد وهو أحظى أهل زمانه وأرفعهم لديه منزلة: لا والله إلا عند مقاطع الحقوق قال: فما منع زيد بن ثابت (لو يعلم) (١) أن اليمين على المنبر حق أن يقول: مقاطع الحقوق مجلس الحكم كما قال أبو حنيفة وأصحابه: ما كان زيد ليمتنع أن يقول لمروان ما هو أعظم من هذا حيث قال له: أتحل الربا؟ قال: أعوذ بالله. قال: إن الناس يبتاعون الصكوك قبل أن يقبضوها، فبعث مروان الحرس ينتزعونها من أيدي الناس.

فإذا كان مروان لا ينكر على زيد هذا، فكيف ينكر عليه في نفسه أن يلزمه اليمين على المنبر؟

لقد كان زيد من أعظم أهل المدينة في عين مروان، ولكن زيدًا علم أن ما قضى به مروان هو الحق، وكره أن تصبر يمينه عند المنبر. قال الشافعي: وهذا الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا والذي نقل الحديث فيه كأنه تكلف: لاجتماعنا على اليمين عند المنبر (٢).


(١) في الأصل: لو لم يعلم، وهو خطأ والمثبت هو الصواب كما في "الاستذكار" ٢٢/ ٩٠.
(٢) "الأم" ٧/ ٣٣ - ٣٤ بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>