للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أما الحديث الأول فالكلام عليه من وجوه:

أحدها: العسيف فيه: الأجير وجمعه: عسفاء، ذكره الأزهري (١)، وعسفه على غير قياس، ذكره ابن سيده، وهو الأجير المستهان منه، وقيل: هو المملوك المستهان به. وقيل: كل خادم عسيف (٢).

ثانيها: قوله: (ثُمَّ سَأَلْتُ أَهْلَ العِلْمِ) يؤخذ منه سؤال المفضول مع وجود الفاضل إذ لم ينكره - عليه السلام -، قيل: والذين كانوا يفتون في عصره - عليه السلام - الخلفاء الأربعة، وثلاثة من الأنصار: أبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت.

ثالثها: قوله: ("لأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللهِ") أي: إنك الجدير بأن تقضي به، أو فإنك لم تزل تقضي به، أو فإنك القاضي به، ومثله قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ احْكُمْ بِالحَقِّ} [الأنبياء: ١١٢] والمراد بكتاب الله أي: بحكمه؛ إذ ليس في الكتاب ذكر الرجم، وقد جاء الكتاب بمعنى الفرض.

قال تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} [البقرة: ١٨٣] {كُتِبَ عَلَيْكُمُ القِصَاصُ} [البقرة: ١٧٨] أي: فرض، وقال: {كِتَابَ اللهِ عَلَيْكُمْ} [النساء: ٢٤] ويحتمل أن يكون فُرض أولًا بالنص ثم نسخ لفظه دون حكمه على ما روي عن عمر أنه قال: قرأناها فيما أنزل الله: الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة بما قضيا من اللذة (٣)، وقيل: الرجم متلو في القرآن غير منسوخ لفظه، وهو قوله تعالى: {وَيَدْرَأُ عَنْهَا العَذَابَ} [النور: ٨]


(١) "تهذيب اللغة" ٣/ ٤٣٥ مادة: (عسف).
(٢) "المحكم" ١/ ٣١٠ مادة (عسف).
(٣) رواه النسائي في "الكبرى" ٤/ ٢٧٠ (٧١٤٦)، وابن ماجه (٢٥٥٣)، ومالك في "الموطأ" ص ٥١٤ - ٥١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>