يحتج في ذلك إلى زيادة ذكر نسبه ولا قبيلته، ألا ترى أنه - عليه السلام - اقتصر في كتاب المقاضاة مع المشركين على أن كتب محمد بن عبد الله، ولم يزد عليه لما أمن الالتباس فيه؛ لأنه لم يكن هذا الاسم لأحدٍ غير النبي - صلى الله عليه وسلم - واستحب الفقهاء أن يكتب اسمه واسم أبيه وجده ونسبه؛ ليرفع الإشكال فيه، فقلما يقع مع ذكر هذِه الأربعة اشتباه في اسمه، ولا التباس في أمره.
وفيه: رجوعه - عليه السلام - إلى اسمه واسم أبيه في العقد، ومحوه بخطه النبوة، إنما كان؛ لأن الكلام في الصلح وميثاق العقد، كان إخبارًا عن أهل مكة ألا تراهم قالوا: لو نعلم أنك رسول الله ما صددناك، ولا قاتلناك فخشوا أن ينعقد عليهم إقرارهم برسالته - عليه السلام - فلذلك قالوا ما قالوا هربًا من الشهادة بذلك.
الثالث:
قوله:(فَقَالَ عَلِيٌّ: مَا أَنَا بِالَّذِي أَمْحَاهُ). يقال: محوت الشيء أمحوه، ومحيته محيانا وأمحاه، مثل: قلى يقلي، وسقى يسقي، والذي في القرآن:{يَمْحُو اللهُ مَا يَشَاءُ}[الرعد: ٣٩] ومحو الرحمن من الكتاب إنما هو لأنه ربما آل النساخ في ذلك إلى فساد ما كانوا أحكموه من الصلح، ولئن مُحي فهو في الصدور باق، وإباء عليٍّ من محوه أدب منه وإيمان، وليس بعصيان فيما أمره به، والعصيان هنا أبو
من الطاعة له وأجمل في التأدب والإلزام.
قال الطبري: وفي كتابه - عليه السلام -: باسمك اللهم، ولم يأب عليهم أن يكتبه إذا لم يكن في كتابه ذلك نقض شيء من شروط الإسلام، ولا تبديل بشيء من شرائعه، وإن كانت سنته الجارية بين أمته أن