فسلم الحسن الأمر إلى معاوية وصالحه، وبايعه على السمع والطاعة على إقامة كتاب الله وسنة نبيه، ثم دخلا الكوفة فأخذ معاوية البيعة لنفسه على أهل العراقين، فكانت تلك السنة سنة الجماعة، لاجتماع الناس واتفاقهم، وانقطاع الحرب، وبايع معاوية كل من كان معتزلًا عنه، وبايعه سعد بن أبي وقاص وعبد الله بن عمر ومحمد بن مسلمة، وتباشر الناس بذلك، وأجاز معاوية الحسن بثلاثمائة ألف وألف ثوب وثلاثين عبدًا، ومائة جمل، وانصرف الحسن إلى المدينة. وولى معاوية الكوفة المغيرة بن شعبة، وولى البصرة عبد الله بن عامر، وانصرف إلى دمشق واتخذها دار مملكته (١).
وقول عمرو بن العاصي:(إِنِّي لأَرى كَتَائِبَ لَا تُوَلِّي حَتَّى تَقْتُلَ أَقْرَانَهَا) أي: إن قوتلت بغير حيلة غلبت لكثرتها.
وقوله:(فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ، وهو خَيْرَ الرَّجُلَيْنِ: أي عَمْرُو) إلى آخره.
يقول: لما أشار إليه عمرو فهمها وسارع إليها، وعرف ما فيها من الصلاح فراسل الحسن، ومراده أن معاوية كان خيرًا من عمرو بن العاصي.
وقوله:(إِنْ قَتَلَ هؤلاء هؤلاء) يدل على نظر معاوية في العواقب ورغبته في صرف الحرب.
وقوله:(اذْهَبَا إِلَى هذا الرَّجُلِ وَاطْلُبَا إِلَيْهِ واعْرِضَا عَلَيْهِ) يدل على أن معاوية كان الراغب في الصلح، وأنه عرض المال على الحسن وبذله ورَغَّبه؛ حقنًا للدماء وحرصًا على رفع سيف الفتنة وعرفه ما وعده به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من سيادته والإصلاح به.