وفيه: الاستتار عن طلائع المشركين ومفاجأتهم بالجيش، وطلب غرتهم إذا بلغتهم الدعوة.
وفيه: جواز التنكيب عن الطريق بالجيوش وإن كان في ذلك مشقة.
وفيه: بركة التيامن في الأمور كلها.
وفيه: أن ما عرض للسلطان وقواد الجيوش وجميع الناس مما هو خارج عن العادة يجب عليهم أن يتأملوه وينظروا الشبهة في قضاء الله في الأمم الخالية، ويمسكوا صواب الخير فيه، ويعلموا أن ذلك مثل ضرب لهم، ونبهوا عليه كما امتثله الشارع في أمر ناقته وبرُوكها في قصة الفيل؛ لأنها كانت إذا وجهت إلى مكة بركت، وإذا صرفت عنها مشت كما دأب الفيل، وهذا خارج عن العادة؛ فعلم أن الله صرفها عن مكة كالفيل. ولذلك قال:"لَا يَسْأَلُونِي خُطَّةً يُعَظِّمُونَ فِيهَا حُرُمَاتِ اللهِ إِلَّا أَعْطَيْتُهُمْ إِيَّاهَا"، يريد بذلك موافقة الرب جل جلاله في تعظيم الحرمات؛ لأنه فهم عن الله إبلاغ الأعذار إلى أهل مكة فأبقى عليهم لما كان سبق لهم في علمه أنهم سيدخلون في دينه أفواجًا، وقد سبق.
وفيه: علامات النبوة وبركته عليه أفضل الصلاة والسلام وبركة السلاح المحمولة في سبيل الله، ونبع الماء من السهم، وإنما قدم - عليه السلام - مكة غير مستأمن مما كان بينه وبين أهل مكة من الحرب والمناصبة والعداوة، ولا أخذ إذنهم في ذلك؛ لأنه جرى على العادة من أن مكة غير ممنوعة من الحجاج والمعتمرين، فلما علم الله تعالى أنهم صادُّوه ومقاتلوه حبس الناقة عن مكة كما حبس الفيل تنبيهًا له على الإبقاء عليهم.
وقوله: ("إِنَّ قُرَيْشًا قَدْ نَهِكَتْهُمُ الحَرْبُ") على وجه بذل النصيحة للقرابة التي كانت بينهم، فقال لهم:"إن شئتم ماددتكم" أي: صالحتكم