للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

و"يَتَكَفَّفُونَ": يبسطون أكفهم لمسألتهم. قَالَ صاحب "العين": استكف: بسط كفه (١).

فرع:

أكثر أهل العلم على أن هبة المريض وصدقاته من ثلثه إذا مات منه كسائر الوصايا. واتفق على ذَلِكَ فقهاء الحجاز والعراق. وقالت فرقة: هي من جميع المال كأفعاله، وهو صحيح. حكاه الطحاوي وقال: هذا قول لم نعلم أحدًا من المتقدمين قاله (٢). وأظنه قول أهل الظاهر: إذا قبضت وصية المريض وعطاياه فهي من رأس ماله، لأن ما قبض قبل الموت ليس وصية، وإنما الوصية ما يستحق بموت الموصي. وسواءً قُبضت عند جماعة الفقهاء أو لم تُقبض هي من الثلث.

وحديث عائشة في "الموطأ" أن أباها نحلها جادَّ عشرين وَسْقًا بالغابة، فلما مرض قَالَ: لو كنت حزتيه كان لك (٣)، وإنما هو اليوم مال الوارث. فأخبر الصديق أنها لو كانت قبضته في الصحة تم لها ملكه، وأنها لا تستطيع قبضه في المرض قبضًا يتم لها به ملكه، وجعل ذَلِكَ غير جائز كما لا تجوز الوصية لها به، ولم تنكر ذَلِكَ عائشة على والدها، ولا سائر الصحابة، فدل أن مذهبهم جميعًا كان فيه مثل مذهبه. وفي هذا أعظم حجة على من خالف قول جماعة العلماء. وكذلك فعل الشارع في الذي أعتق ستة أعبد له عند الموت لا مال له غيرهم. فأقرع بينهم، وأعتق اثنين، وأرق أربعة، فجعل


(١) "العين" ٥/ ٢٨٣.
(٢) "شرح معاني الآثار" ٤/ ٣٨٠.
(٣) "الموطأ" ص ٤٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>