للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ أبو عبد الرحمن السلمي -الراوي عن سعد-: فمن ينتقص من الثلث لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ". واختار آخرون لمن كان ماله قليلًا وله وارث ترك الوصية. روي ذَلِكَ عن علي، وابن عباس، وعائشة على ما سلف. وقال رجل للربيع بن خثيم: أوصِ لي بمصحفك.

فنظر إليه ابنه، وقرأ: {وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللهِ} [الأنفال: ٧٥] (١).

وقام الإجماع من الفقهاء: أنه لا يجوز لأحد أن يوصي بأكثر من الثلث، إلا أبا حنيفة وأصحابه، وشريك بن عبد الله فقالوا: إن لم يترك الموصي ورثة فجائز له أن يوصي بماله كله. وقالوا: إن الاقتصار على الثلث في الوصية إنما كان لأجل أن يدع ورثته أغنياء، ومن لا وارث له فليس ممن عُني بالحديث، وروي هذا القول عن ابن مسعود (٢)، وبه قَالَ عبيدة ومسروق (٣)، وإليه ذهب إسحاق.

وقال زيد بن ثابت: لا يجوز لأحد أن يوصي بأكثر من ثلثه، وإن لم يكن له وارث، وهو قول مالك والأوزاعي والحسن بن حي والشافعي (٤).

قَالَ بعض المالكية فيما حكاه ابن التين: إذا كان بيت المال في يد من يصرفه في وجوهه، واحتجوا بقوله: "الثُّلُثُ كَثِيرٌ" وبما رواه آدم بن أبي إياس، ثنا عقبة بن الأصم، نا عطاء بن أبي رباح، عن أبي هريرة مرفوعًا: "إن الله جعل لكم ثلث أموالكم عند الموت زيادة في


(١) رواه ابن أبي شيبة ٦/ ٢٣٨ (٣١٠١١)، والطبري ٢/ ١٢٥ (٢٦٦٩).
(٢) رواه ابن أبي شيبة ٦/ ٢٢٧ (٣٠٨٩٤).
(٣) رواه ابن أبي شيبة ٦/ ٢٢٧ (٣٠٨٩٥، ٣٠٨٩٦).
(٤) انظر: "المنتقى" ٦/ ١٥٦، "بدائع الصنائع" ٧/ ٣٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>