للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقالت طائفة: يجوز (١) إقرار المريض في الصحة. والظاهر أنه لا يقر إلا عن حقيقة ولا يقصد حرمانًا؛ لأنه انتهى إلى حالة يصدق فيها الكاذب ويتوب فيها الفاجر.

وفيها قول ثالث قاله مالك، قَالَ: إذا أقر المريض لوارثه بدين نظر فإن كان لا يتهم فيه قبل إقراره، مثل أن يكون له بنت وابن عم فيقر لابن عمه بدين فإنه يقبل إقراره، ولو كان إقراره لبنته لم يقبل؛ لأنه يتهم في أن يزيد ابنته على حقها من الميراث وينقص ابن عمه، ولا يتهم في أن يفضل ابن عمه على ابنته. قَالَ: ويجوز إقراره لزوجته في مرضه إذا كان له ولد منها أو من غيرها، فإن كان يعرف منه انقطاع إليها ومودة، وقد كان الذي بينه وبين ولده متفاقمًا، ولعل هذا الولد الصغير منه، فلا يجوز إقراره لها (٢).

واحتج من أبطل إقرار المريض للوارث بأن الوصية للوارث لما لم

تجز، فكذلك الإقرار في المرض، ويتهم المريض في إقراره بالدين للوارث أنه أراد بذلك الوصية. واحتج من أجاز ذَلِكَ بقول الحسن: إن أحق ما تصدف به الرجل آخر يوم من الدنيا وأول يوم من الآخرة؛ لأنه في حالة يرد فيها على الله، فهو في حالة يتجنب المعصية والظلم ما لا يتجنبه في حال الصحة، والتهمة منفية عنه.

وقد نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الظن وقال: "إِنَّه أَكْذَبُ الحَدِيثِ".

وقال: "آيَةُ المُنَافِقِ ثَلَاثٌ: إِذَا حَدَّث كَذَبَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ".


(١) ورد بهامش الأصل: لعله سقط (لا) أو سقط منه شيء بعد ذلك، وانظر الكلام بعد ذلك تعرف ما ذكرته.
(٢) "المدونة" ٤/ ١١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>