للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أبدًا، ورجع حبسًا على أقرب الناس بالحبس يوم رجع لا يوم حبس (١)، ألا ترى أن أبا طلحة جعل حائطه ذَلِكَ صدقة لله تعالى ولم يذكر وجهًا من الوجوه التي توضع فيه الصدقة أمره الشارع أن يجعلها في أقاربه، وكذلك كل صدقة لا يذكر لها مرجع تصرف على أقاربه للتصدق بهذا الحديث، وهذا عند مالك فيما لم يرد به صاحبه حياة المتصدق عليه، فإذا أراد ذَلِكَ فهي عنده عمرى ترجع إلى صاحبها بعد انقراض المتصدق عليه. ولمالك فيها قول ثان: إنه إذا حبس على قوم معينين ولم يجعل لها مرجعًا إلى المساكين أنها ترجع ملكًا إلى ربها كالعمرى، قيل لمالك: فلو قَالَ في صدقته هي حبس على فلان هل تكون بذلك محبسة؟ قَالَ: لا؛ لأنها لمن ليسَ بمجهول، وقد حبسها على فلان فهي عمرى؛ لأنه أخبر أن تحبسها غير دائم ولا ثابت، وأنه إلى غاية، ولم يختلف قوله: إذا قَالَ: هي حبس صدقة لأنها لا ترجع إليه أبدًا، والألفاظ التي ينقطع بها ملك الشيء عن ربه، ولا تعود إليه أبدًا عند مالك وأصحابه أن يقول حبس صدقة، أو حبس على أعقاب مجهولين مثل الفقراء والمساكين، أو في سبيل الله. فهذا كله عندهم مؤبد لا ترجع إلى صاحبها ملكًا أبدًا، وأما إذا قَالَ: حياة المحبس عليه، أو إلى أجل من الآجال. فإنها ترجع إلى صاحبها ملكًا أو إلى ورثته وهي كالعمرى والسكني. قَالَ ابن المنذر: واختلفوا في الرجل يأمر وصيه أن يضع ثلثه حيث أراه الله، فقالت طائفة: يجعله في (سبيل) (٢) الخير ولا يأكله، هذا قول مالك، وبه قَالَ الشافعي وزاد: ولا يعطيه وارثًا للميت؛ لأنه إنما كان يجوز له


(١) "المدونة الكبرى" ٤/ ٣٧٦.
(٢) كذا في الأصل وفي (ص): سبل.

<<  <  ج: ص:  >  >>