للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وليس في حديث عطاء أن الرجل جعل لحبسه مرجعًا بعد انقراض ورثته ولا أخرجها من يده إلى من حبسها عليه ولا إلى (ناقض) (١) حَتَّى يحدث به الوفاة، فكانت لا شك أن صاحبها هلك وهي في ملكه ولورثته بعد وفاته، فيكون هذا من الحبس عن فرائض الله إذ كانت الصدقة لا تتم لمن تصدق بها عليه إلا بقبضه لها، وأما الصدقة التي أمضاها المتصدق بها في حياته على ما أذن الله به على لسان رسوله وعمل بها الأئمة الراشدون فليس من الحبس عن فرائض الله.

ولا حجة في قول شريح ولا أحد مع مخالفة السنة وعمل أئمة الصحابة (٢) الذين هم الحجة على جميع الخلق، ويقال لمن احتج بقول شريح في إبطال الصدقات المحرمات في الصحة إن شريحًا لم يقل: لا حبس عن فرائض الله في الصحة، فكيف وجب أن تكون صدقة المتصدق في حال الصحة من الحبس عن فرائض الله، ولا يجب أن تكون صدقته في مرضه الذي يموت فيه أو في وصيته من الحبس عن فرائض الله، ومعنى الصدقتين واحد، وكما أن في مرضه يتصدق في ثلثه كيف شاء كذا في صحته في كل ماله، فلما كان ما يفعله في ثلثه لا يدخل في "لا حبس" كذا ما كان في صحته من باب أولى.

وحديث ابن عباس مؤول بأولى من تأويل شريح، وهو أن المراد نفي ما كانت الجاهلية تفعله من السائبة ونحوها، فإنهم كانوا يحبسون ما يجعلونه كذلك، ولا يورثونه أحدًا فلما نزلت آية المواريث قَالَ:


(١) كذا بالأصل وفي المطبوع من ابن بطال (فائض).
(٢) ورد بهامش الأصل: قال جابر: ما بقي أحد من الصحابة وله مقدرة إلا وقف.
وقال الشافعي: بلغني أن ثمانين صحابيًا من الأنصار تصدقوا بصدقات محرمات موقوفات.

<<  <  ج: ص:  >  >>