للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قلتُ: ربيعة ومالك أجازا بيعه إذا لم يبق فيه قوة للغزو، ويجعل ثمنه في آخر. قَالَ ابن القاسم: فإن لم يبلغ شورك به فيه، وكذلك الثياب إذا لم يبق فيها منفعة بيعت واشتري بثمنها ما ينتفع به، فإن لم يمكن تصدق في سبيل الله.

وأما صحة الحجة بحديث عمر في الباب، فلا يخلو أن يكون هذا الفرس الذي حمل عليه عمر حبسًا أو هبة وتمليكًا، وعليهما فقد جاز للرجل بيعه ولم يأمره بفسخه حين بلوغه، ونهيه عن شرائه للتنزيه، إذ لو كان حرامًا لبينه، وقد سلف شيء من ذَلِكَ في باب: إذا حمل على فرس في سبيل الله فهو كالعمرى والصدقة في آخر أبواب المنحة والهبات.

واختلفوا في وقف الدراهم والدنانير على من تكون زكاتها، فقال مالك في "المدونة": لو أن رجلاً حبس مائة دينار موقوفة يسلفها الناس ويردونها، هل ترى فيها زكاة؟ قَالَ: نعم، الزكاة فيها قائمة كل عام (١). وخالف في ذَلِكَ ابن القاسم فقال في رجل قَالَ لرجل: هذِه المائة في ينار تتجر فيها ولك ربحها وليس عليك فيها ضمان. فليس على الذي في يده أن يزكيها ولا على الذي هي له زكاتها حَتَّى يقبضها، فيزكيها زكاة واحدة. قَالَ سحنون: أراها كالسلف وعليه ضمانها إن تلفت، بمنزلة الرجل يحبس المال على الرجل فينتقص أنه ضامن له.

وأما قول الزهري السالف في الرجل يجعل ألف دينار في سبيل الله أنه لا يأكل من ربحها فإنما ذَلِكَ إذا كان في غنى عنها، وأما إن احتاج وافتقر فمباح له الأكل منها ويكون كأحد المساكين. قَالَ ابن حبيب:


(١) "المدونة الكبرى" ١/ ٢٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>