للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إلى الناحية الكثيرة المساكين. فكره ذَلِكَ وقال: أرى أن يتكارى عليه من الفيء أو يبيعه ويشترى هنا طعامًا. وقال ابن القاسم: لا يتكارى عليه من الفيء ولكن يبيعه ويشتري بثمنه طعامًا (١).

وقوله: ("مَا تَرَكْتُ") إلى آخره يبين فساد قول من أبطل الأوقاف والأحباس من أجل أنها كانت مملوكة قبل الوقف، وأنه لا يجوز أن يكون ملك مالك ينتقل إلى غير مالك فيقال له: إن أموال بني النضير وفدك وخيبر لم تنتقل بعد وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أحدٍ ملكها، بل هي صدقة منه ثابتة على الأيام والليالي، تجري عنه في السبل الذي أجراها فيها منذ قبض، فكذلك حكم الصدقات المحرمة قائمة على أصولها جارية عليها فيما سبلها فيه، لا يباع أصلها ولا يوهب ولا يملك.

تنبيهات:

أحدها: قوله: ("لَا يقتَسِمُ") هو برفع الميم على الخبر، أي: ليس يقتسم. وفي رواية يحيى بن يحيى الأندلسي "دنانير" (٢) وتابعه ابن كنانة، وأما سائر الرواة فيقولون: دينارًا. نبه عليه أبو عمر قَالَ: وهو الصواب؛ لأن الواحد في هذا الموضع أعم عند أهل اللغة، وكذا رواه ورقاء عن أبي الزناد. وقال ابن عيينة عن أبي الزناد: "لا يقتسم ورثتي بعد ميراثي"، وأراد بعامله خادمه في حوائطه، وقيمه، ووكيله، وأجيره (٣). وأبعد من قَالَ: حافر قبره. كما سلف، وحكاه المنذري أيضًا في "حواشيه"،

ومما يبعده أنهم لم يكونوا يحفرون بأجرة، فكيف له - صلى الله عليه وسلم -؟ وقيل: أراد الخليفة بعده.


(١) "شرح ابن بطال" ٨/ ٢٠١ - ٢٠٢.
(٢) "الموطأ" ص ٦١٤ باب: تركة النبي - صلى الله عليه وسلم -.
(٣) "التمهيد" ١٨/ ١٧١ - ١٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>