غيره، وهذا إجماع من العلماء؛ لأن صبر الفرس المضمر المجوع في الجري أكثر من صبر المعلوف؛ ولذلك جعلت غاية المضمرة ستة أميال أو سبعة وجعلت غاية المعلوفة ميلًا واحدًا.
واختلف العلماء في صفة المسابقة، فقال سعيد بن المسيب: ليس بِرِهان الخيل بأسٌ إذا أدخل فيها محلل لا يأمنان أن يسبق، فإن سبق أخذ السبق، وإن سُبق لم يكن عليه شيء (١).
وبه قال الزهري والأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحاق قالوا: إذا أدخل فرشا بين فرسين وقد أمن من أن يسبق فهو قمار لا يجوز.
وقال مالك: ليس عليه العمل، وفسر العلماء قول سعيد أن معنى دخول المحلل بينهم؛ للخروج عن معنى القمار المحرم فيجعل عنده كل واحد من المتراهنين سبقا فمن سبق منهما أخذ السبقين جميعاً، وكذلك إن سَبَق المحلل أخذهما، وإن سُبِقَ لم يؤخذ منه شيء، ولا يقول مالك بالسبق بالمحلل، وإنما يجوز عنده أن يجعل الرجل سبقه ولا يرجع إليه بكل حال كسبق الإمام، فمن سبق كان له، وإن أجرى جاعل السبق معه فسبق هو كان للمصلي، وهو الذي يليه إن كانت خيلًا كثيرة، وإن كانا فرسين فسبق جاعل السبق فهو طعمة لمن حضر، وإن سبق الآخر أخذه، وهو قول ربيعة وابن القاسم، وروى ابن وهب عن مالك أنه أجاز أن يشترط واضع السبق أخذ السبق، وإن سبق هذا أخذ سبقه، وبه أخذ أصبغ وابن وهب. قال ابن المواز: وكراهة مالك المحلل إنما هو على قوله أنه يجب إخراج السبق بكل حال، وفي قياس قوله الآخر أنه جائز، وبه أقول، وهو
(١) رواه مالك في ص ٢٩٠، وابن أبي شيبة ٦/ ٥٣١ (٣٣٥٤٠)، والبيهقي ١٠/ ٢٠.