للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الرابعة: قدَّم الجهاد في (هذا الحديث عَلَى الحج) (١)، مع أن الحج أحد الأركان والجهاد فرض كفاية؛ (لأنه قد يتعين كما في سائر فروض الكفايات، وإذا لم يتعين لا يقع إلا فرض كفاية) (٢)، وأما الحج فالواجب منه مرة فقط، فإن قابلت واجب الحج بمتعين الجهاد كان الجهاد أفضل لهذا الحديث؛ ولأنه شارك الحج في الفرضية، وزاد (فيه) (٣) بتعدي نفعه إلى سائر الأمة؛ ولكونه ذبًّا عن بيضة الإسلام، ولكونه بذلًا للنفس والمال وغير ذَلِكَ. وإن قابلت نفل الحج بغير متعين الجهاد كان الجهاد أفضل لما ذكرناه؛ ولأنه يقع فرض كفاية، وهو أفضل من النفل بلا شك. بل قَالَ إمام الحرمين في كتابه "الغياثي" (٤): فرض الكفاية عندي أفضل من فرض العين، من حيث أنه يقع فعله مسقطًا للحرج عن الأمة بأسرها، وبتركه يعصي المتمكنون منه كلهم، ولاشك في عظم موقع ما هذِه صفته (٥). كذا قرره النووي في "شرحه" وقيل: إنما قدم؛ لشدة الحاجة إليه أول الإسلام.

الخامسة: الآية دالة عَلَى نيل الدرجات بالأعمال، (وأن الإيمان قول وعمل، ويشهد لَهُ الحديث المذكور، وهو مذهب أهل السنة كما سلف في أول الإيمان) (٦)، وهو مراد البخاري بالتبويب، وأراد به


(١) ساقط من (ج).
(٢) ساقط من (ج).
(٣) من (ج).
(٤) صنفه إمام الحرمين للوزير غياث الدين نظام الملك، سلك فيه غالبًا مسلك "الأحكام السلطانية" للماوردي.
انظر: "هداية العارفين" ص ٣٣٣، "كشف الظنون" ٢/ ١٢١٣.
(٥) تقدم التعريف بفرضي الكفاية والعين، بما يغني عن الإعادة هنا.
(٦) ساقط من (ج).