للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد سلف في حفر الخندق (١).

خامسها: حديث مُجَاشِع بن مسعود: لما أَتَيْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَا وَأَخِي، فَقُلْتُ: بَايِعْنَا عَلَى الهِجْرَةِ. فَقَالَ: "مَضَتِ الهِجْرَةُ لأَهْلِهَا". فَقُلْتُ: عَلَامَ تُبَايِعُنَا؟ قَالَ: "عَلَى الإِسْلَامِ وَالْجِهَادِ"

الشرح:

ذكر البخاري وغيره أن المبايعة كانت في الحديبية على الموت. قَالَ الإسماعيلي: هذا من قول نافع في البيعة ليس بمسند، ووجه مطابقة الآية الكريمة للترجمة قوله في أثنائها: {فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ} مبنيًّا على قوله: {فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ} [الفتح: ١٨] والسكينة: الثبوت والطمأنينة في موقف الحرب، دل ذَلِكَ على أنهم أضمروا في قلوبهم الثبوت وأن لا يفروا وفاءً بالعهد، كما نبه عليه ابن المنير (٢).

وكأن البخاري لما ذكر في الترجمة عن بعضهم المبايعة على الموت، استدل على ذَلِكَ بالآية التي فيها المبايعة تحت الشجرة، وكانت المبايعة بالحديبية تحت الشجرة على الموت كما سلف، وأورد الأحاديث في الباب التي تدل على ذَلِكَ وعلى الصبر، والصبر يجمع المعاني كلها، وبيعة الشجرة إنما هي على الأخذ بالشدة وألا يفروا أصلاً ولابد من الصبر إما إلى فتح، وإما إلى موت، ومن بايع على الصبر وعلى عدم الفرار فقد بايع على الموت.

قَالَ المهلب: هذِه الأحاديث مختلفة الألفاظ، منهم من يقول: على الموت، وعلى ألا يفر، وعلى الصبر، وهو أولى الألفاظ بالمعنى؛ لأن بيعة الإسلام هي على الجهاد وقتال المثلين، فإن كان المشركون أكثر من


(١) سلف برقم (٢٨٣٥).
(٢) "المتواري" ص ١٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>