للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قتلهم اختاروا أوهن الرأيين في التدبير على أحزمهما وأقلهما نكاية في العدو، فعاتبهم الله على ذَلِكَ وأخبرهم أن الأنبياء قبله لم تكن الغنائم حلالاً لهم فكانوا يقتلون من حاربوا ولا يأسرونه على طلب الفداء، فالمعنى: لولا قضاء من الله سبق أنه يحل لكم الغنيمة ولا يعذب من شهد بدرًا لمسكم فيما أخذتم من الفداء عذاب عظيم.

وفي حديث ثمامة من الفقه: جواز المن على الأسير بغير مال، وهو قول الثلاثة: مالك والشافعي وأحمد (١) وأبى ثور، وقالوا: لا بأس أن يفادوا بأسرى المسلمين وبالمال أيضًا. وقال الطحاوي: اختلف في هذِه المسألة قول أبي حنيفة، فروي عنه أن الأسارى لا يفادى بهم ولا يردون حربًا؛ لأن في ذَلِكَ قوة لأهل الحرب، وإنما يفادون بالمال، وما سواه مما لا قوة لهم فيه، وروي عنه أنه لا بأس أن يفادى بالمشركين أسارى المسلمين، وهو قول صاحبيه (٢) ورأى أبو حنيفة أن المن منسوخ، وقيل: كان خاصًّا برسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ ابن القصار: ومما يرد عليه أنا اتفقنا معه على أن مكة فتحت عنوة، وأنه - صلى الله عليه وسلم - منَّ عليهم بغير شيء كما فعل بثمامة (٣).

ولخص الخلاف في المسألة النحاس فقال: في قوله تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: ٥] للعلماء فيه ثلاثة أقوال:

أحدها: أنها منسوخة، ولا يحل قتل أسير صبرًا وإنما يمن عليه أو يفدى، وناسخها قوله تعالى: {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ} [محمد: ٤] قَالَ: الحسن والضحاك والسدي وعطاء، زاد الطبري والشعبي كما سلف.


(١) "الإفصاح" ٩/ ١٩٥.
(٢) "مختصر الطحاوي" ص ٢٨٩.
(٣) انظر: "شرح ابن بطال" ٥/ ١٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>