للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال ابن القصار: ما أحرزه المشركون وخرج عن أيديهم إلى المسلمين، فإن لم يقع في المقاسم ولا حصل في يد إنسان بعوض فإنه يعود إلى ملك صاحبه، فالمرأة لما أخذت الناقة بغير عوض انتقل ملكها عن المشركين وحصل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فأما إذا قسمت الغنائم وحصل الشيء في يد أحد حصلت له شبهة ملك عليه؛ لأجل أنه حصل له بعوض، وهو حقه من الغنائم؛ فلا يخرجه عن يده إلا بعوض؛ لأن الغانمين قد اقتسموا وتفرقوا، فإن أعطاه الإمام القيمة جاز، وإن لم يعطه لم يأخذه صاحبه إلا بعوض؛ لأن القسم حكم الإمام مع كون شبهة أيدي الكفار، فيصير للغانم بحكم الإمام (١).

واستدل الطحاوي بحديث الناقة، فإن المرأة لما أخذتها انتقل ملكها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحديث سفيان، عن سماك بن حرب، عن تميم بن طرفة: أن رجلاً أصاب العدو له بعيرًا، فاشتراه رجل منهم فجاء به فعرفه صاحبه، فخاصمه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "فإن شئت أعطيت ثمنه الذي اشتراه به وهو لك، وإلا فهو له" فهذا وجه الحكم في الباب من طريق الآثار (٢).

وأما من طريق النظر فرأينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حكم في مشتري البعير من أهل الحرب أن لصاحبه أن يأخذه منه بالثمن، وكان قد ملكه المشتري من الحربيين، كما يملك الذي يقع في سهمه من الغنيمة ما يقع في سهمه منها، فالنظر على ذَلِكَ أن يكون الإمام إذا قسم الغنيمة فوقع منها في يد رجل شيء وإن كان أُسر ذَلِكَ من يد آخر، أن يكون المأسور من يده


(١) "شرح ابن بطال" ٥/ ٢٢٧ - ٢٢٩.
(٢) "شرح معاني الآثار" ٣/ ٢٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>