للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال ابن بطال: رد الصحيفة، وقوله: (اغنها عنا). فذلك لأنه كان عنده نظير منها ولم يحملها لا أنه ردها، وليس عنده علم منها؛ ولأنه قد كان أمر بها سُعَاته فلا يجوز على عثمان غير هذا.

وفيه: أن الصاحب إذا سمع من السلطان أمرًا مكروهًا أن ينبه بألطف التنبيه، وأن يسند ذَلِكَ إلى من كان قبله، كما أسند (علي) (١) أمر الصحيفة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأسند عروة بن الزبير في إنكاره على عمر بن عبد العزيز تأخير الصلاة إلى أبي مسعود، وأنه أنكر ذَلِكَ على المغيرة بن شعبة، فاحتج بأسوة تقدمت له في الإنكار على الأئمة (٢)، ثم أسند الحديث حين وقفه عمر.

وقوله: (لو كان علي ذاكرًا عثمان) يعني: بشر ذكره في هذِه القصة. فدل أن عليًّا عذر عثمان بالتأويل، ولم يكن عنده مخطئًا ولا مذمومًا.

وقد سلف فعل أبي بكر وعمر في باب: فرض الخمس (٣)، وأما فعل عثمان في صدقة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فرواه الطبري عن أبي حميد، ثَنَا جرير، عن مغيرة قَالَ: لما ولي عمر بن عبد العزيز جمع بني أمية فقال: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت له فدك، فكان يأكل منها وينفق ويعود على فقراء بني هاشم، ويزوج منها أيمهم، وأن فاطمة سألته أن يجعلها لها فأبى، فكانت كذلك حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى قبض، ثم ولي أبو بكر فكانت كذلك، فعمل فيها بما عمله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حياته حَتَّى مضى لسبيله، ثم ولي عمر فعمل فيها مثل ذَلِكَ، ثم ولي عثمان فأقطعها مروان فجعل مروان ثلثها لعبد الملك، وثلثها لعبد العزيز، فجعل عبد الملك


(١) من (ص).
(٢) سلف في كتاب: مواقيت الصلاة برقم (٥٢١)، باب: مواقيت الصلاة وفضلها.
(٣) سلف برقم (٣٠٩٣) باب: فرض الخمس.

<<  <  ج: ص:  >  >>