للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أبقاها للرحم التي كانت بينه وبينهم، وكذلك أراد أن يفعل بهوازن للرضاعة فيهم حين (أسبيا) (١) بالغنائم، فلما أبطئوا قسم، ثم لما جاءوا، ردّ بعضًا، وأبقى للغانمين بعضًا عن طيب أنفسهم، ولم يستطب أنفسهم بمكة؛ لأنه لم يملكهم واستطاب أنفسهم بهوازن؛ لأنه قد كان قسم لهم وملّكهم، فصحَّ بهذا أنه لا شيء لهم إلا أن يملكوا.

وقد قال مالك: يحد الزاني ويقطع السارق، وإن كان له في الغنيمة سهم إذا فعل ذلك قبل القسمة، فلو كان له فيها شبهة لدرأ الحد بها لحديث: "ادرءوا الحدود بالشبهات"، فدل أنه لا شبهة لهم فيها إلا أن يملكوها بالقسمة.

وحكى الطبري هذِه المقالة عن بعض أهل العلم قالوا: حكم الغنائم كلها لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مغازيه كلها، وله أن يصرفها إلى من يشاء، ويحرمها من حصر القتال ومن لم يحضر، واعتلوا بقوله تعالى: {قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} [الأنفال: ١] وبفعله - عليه السلام - بهوازن، ولم يسمّ القائلين بذلك.

وقال آخرون: أربعة أخماس الغنيمة حق للغانمين؛ لا شيء فيه للإمام، وإنما هو - عليه السلام - كبعض من حضر الوقعة إلا ما كان خصه الله به من الفيء وخمس الخمس، (وأما) (٢) غير ذلك فلم يكن له فيه شيء.

قالوا: والذي أعطى - عليه السلام - يوم حنين للمؤلفة قلوبهم إنما كان من نصيبه و (حقه) (٣) من الغنيمة. وقالوا: وقوله تعالى: {قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} معناه: له وضعها موضعها التي أمره الله بوضعها فيها، لا أنه


(١) في الأصل: (استابا) غير منقوطة، ولعل المثبت صحيح.
(٢) في الأصل: فإنه.
(٣) في (ص ٢): حصته.

<<  <  ج: ص:  >  >>