كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح

٥٧ - كتاب فرض الخمس - ١٦ - باب ما من النبي - صلى الله عليه وسلم - على الأسارى من غير أن يخمس - ج: 18 - ص: 501

لو تأخرت الغنيمة في العين والورق، ثم قسمت أن يكون لحول الزكاة على الغانمين يوم غنموا، وفي اتفاقهم أنه لا يعتق عليهم من يلزمهم عتقه إلا بعد القسمة، ولا يكون حول الزكاة إلا من يوم حان نصيبه بالقسمة، دلالة أنه لا يملك بنفس الغنيمة، ولو ملك بنفسها لم يجب عليه الحد إذا وطئ جارية من المغنم قبل القسمة (١).

واحتجّ أصحابنا فقالوا: لو ترك النبي للمطعم بن عدي كان يستطيب أنفس أصحابه الغانمين كما فعل في سبي هوازن؛ لأن الله تعالى أوجب لهم ملك الغنائم إذا غنموها بقوله: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ} الآية [الأنفال: ٤١]، فأضافها إليهم.

وأما قولهم: لو ملكوا بنفس الغنيمة لكان من له أب أو ولد يعتق بنفس الغنيمة فلا حجة فيه؛ لأن السنة إنما وردت فيمن أعتق شقصًا له في عبدٍ معيَّن قد ملكه وعرفه بعينه، فأمّا من لا يعرف بعينه فلا يشبه عتق الشريك، ألا ترى أن الشريك له أن يعتق كما أعتق صاحبه.

وفي إجماعهم: أنه يعتق على (الشريك) (٢) الموسر في العتق، وإجماعهم: أنه لا يعتق عليه في تركته في الغنيمة دليل واضح على الفرق بينهما.

وأمّا قوله: إنه يجب أن يكون حول الزكاة من وقت الغنيمة لو كان ملكًا، فخطأ بيّن على مذهب مالك وغيرهم؛ لأن الفوائد لا تراعى حولها عندهم إلاَّ من يوم تصير بيد صاحبها.

---

(١) "شرح صحيح البخاري" لابن بطال ٥/ ٣٠٤ - ٣٠٥.
(٢) من (ص ١).