عمر بن الخطاب، فلما قدم عليه استعجم فقال عمر: تكلم، لا بأس عليك، فكان ذلك عهدًا وتأمينًا من عمر (١).
فصل:
مقصود البخاري بالترجمة: أن المفاسد تعتبر بأدلتها كيف ما كانت الأدلة لفظية أو غيرها على وفق لغة العرب أو غيرها.
قال ابن بطال: غرض البخاري في الباب نحو ما تقدم ممن تكلم بالفارسية والرطانة، وقوله تعالى:{وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ}[الروم: ٢٢] فذكر ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه تكلم فيه بألفاظ الفارسية كانت متعارفة عندهم، خاطب بها أصحابه ففهموها عنه، فالمراد من هذين البابين أن العجم إذا قالوا: صبأنا وأرادوا بذلك الإسلام، فقد حقحْوا بها دماءهم ووجب لهم الأمان
ألا ترى قول عمر: مترس، فسواء خاطبنا العجم بلغتهم أو خاطبناهم بها على معنى الأمان، فقد لزم الأمان وحرم القتل.
ولا خلاف بين العلماء أن من أمن حربيًّا بأي كلام يفهم منه الأمان فقد تم له الأمان، وأكثرهم يجعلون الإشارة بالأمان أمانًا، وهو قول مالك والشافعي وجماعة؛ لأن التأمين إنما هو معنى في النفس فيظهر تارة بالكتابة، وتارة بالإشارة، وتارة بالنطق.
ولم يفهم خالد من قوله: صبأنا، أنهم يريدون به أسلمنا، ولكن حمل اللفظة على ظاهرها، وتأولها أنها في معنى الكفر، فلذلك قتلهم.
ثم تبين أنهم أرادوا بها أسلمنا فجهلوا فقالوا: صبأنا. وإنما قالوا ذلك؛ لأن قريشًا كانت تقول لمن أسلم مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: صبأ