للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقيل: إنه قال ذلك لقوله على جهة الاستفهام الذي يقصد به التوبيخ لهم والإنكار عليهم. وحذفت همزة الاستفهام اتساعًا.

وقيل: إنه قال ذلك على طريق الاحتجاج على قومه تنبيهًا على أن ما يتغير لا يصلح للربوبية (١).

ومعنى الحديث كما قال ابن الأنباري: قلت قولًا يشبه الكذب في ظاهر القول وهو صدق عند البحث؛ وذلك أنه لا يجوز ذلك على الأنبياء بحال، واستعير هنا ذكر الكذب؛ لأنه بصورته، فسماه كذبًا مجازًا.

وقوله: {إِنِّي سَقِيمٌ} [الصافات: ٨٩]. أي: سأسقم، كقولك: إِنَّكَ مَيِّتٌ أي: ستموت، أو سقيم بما قدر عليه من الموت.

ويحتمل -كما قال القرطبي- أنه يريد سقيم الحجة عن الخروج معكم؛ إذ لا يصح على ذلك حجة على جوازه (٢).

فاعتذر عما دعوه إليه حتى يخلوا بالأصنام فيكسرها.

وقيل: كانت تأخذه الحمى في ذلك الوقت ولو كان الذي قاله لا تورية فيه لكان جائزًا في دفع الظالم، وقد اتفق العلماء على أنه لو جاء ظالم يطلب إنسانًا مختفيًا ليقتله، أو يطلب وديعة لإنسان ليأخذها غصبًا وسأل عن ذلك، وجب على من علم ذلك إخفاؤه وهو كذب جائز بل واجب.

وفي حديث آخر عند البخاري: "اثنتين في ذات الله، وواحدة في شأن سارة" (٣) وهو أيضًا في ذات الله كما قال بعضهم؛ لأنها سبب دفع كافر


(١) "المفهم" ١/ ٤٣١ - ٤٣٢.
(٢) "المفهم" ١/ ٤٣٣.
(٣) هذا لفظ رواية مسلم (٢٣٧١) كتاب: الفضائل، باب: من فضائل إبراهيم - عليه السلام -، وسيأتي بنحوه برقم (٣٣٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>