للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأما من قال: إن خيبر كان بعضها صلحًا وبعضها عنوة، فقد وهم وغلط، وإنما دخلت عليه الشبهة بالحصنين الذين أسلمهما أهلهما لحقن دمائهم فلما لم تكن صلحًا (١). لعمري إنه في الرجال والنساء والذرية لضرب من الصلح، ولكنهم لم يتركوا أرضهم إلا بالحصار والقتال، فكان حكم أرضها كحكم أرض خيبر كلها عنوة غنيمة مقسومة بين أهلها، وإنما شُبِّه على من قال: إن نصف خيبر صلح ونصفها عنوة بحديث يحيى بن سعيد، عن بشير بن يسار -يعني: المذكور أولا- ولو صح هذا لكان معناه أن النصف له مع سائر من وقع في ذلك النصف معه؛ لأنها قسمت على ستة وثلاثين سهمًا، فوقع سهمه - صلى الله عليه وسلم - وطائفة معه في ثمانية عشر سهمًا، ووقع سائر الناس في باقيها، وكلهم ممن شهد الحديبية ثم خيبر، وليست الحصون التي أسلمها أهلها بعد الحصار والقتال صلحًا، ولو كانت صلحًا لملكها أهلها كما يملك أهل الصلح أرضهم وسائر أموالهم، فالحق في هذا والصواب فيما قاله ابن إسحاق دون ما قاله موسى بن عقبة وغيره عن ابن شهاب (٢).

قلت: حديث بشير اختلف في رواية يحيى له، فبعض أصحاب يحيى يقول فيه: عن بشير، عن سهل بن أبي حثمة (٣). وبعضهم يقول: سمع بشير نفرًا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنهم قالوا (٤)


(١) هكذا في الأصل، وفي "الدرر": فلما لم يكن أهل ذينك الحصنين من الرجال والنساء والذرية مغنومين ظُنَّ أن ذلك صُلحٌ.
(٢) "الدرر في اختصار المغازي والسير" ص ٢٠١ - ٢٠٣.
(٣) أبو داود (٣٠١٠).
(٤) السابق (٣٠١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>