للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثُمَّ قَالَ {أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ} إلى {طَائِعِينَ} فَذَكَرَ فِي هذِه خَلْقَ الأَرْضِ قَبْلَ السَّمَاءِ، وَقَالَ: {وَكاَنَ اَللَّهُ غَفُوَرَا رَّحِيمًا} عَزِيزًا حَكِيمًا سَمِيعًا بَصِيرًا، فَكَأَنَّهُ كَانَ ثُمَّ مَضَى. فَقَالَ {فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ} فِي النَّفْخَةِ الأُولَى ثُمَّ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ، فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ الله، فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ، ثُمَّ فِي النَّفْخَةِ الأخرى أَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: {مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ}. {وَلَا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثًا} فَإِنَّ اللهَ تعالى يَغْفِرُ لأَهْلِ الإِخْلَاصِ ذنبهم، وَقَالَ المُشْرِكُونَ: تَعَالَوْا نَقُولُ لَمْ نَكُنْ مُشْرِكِينَ. فيختمَ الله على أَفْوَاهِهِمْ وتنطق أَيْدِيهِمْ، فَعِنْدَ ذَلِكَ عرفوا أَنَّ اللهَ لَا يُكْتَمُ حَدِيثًا، وَعِنْدَهُ {يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ} الآيَةَ، وقوله: خَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ، ثُمَّ خَلَقَ السَّمَاءَ، ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّمَاءِ، فَسَوَّاهُنَّ فِي يَوْمَيْنِ آخَرَيْنِ ثُمَّ دَحَا الأَرْضَ، ودحيها أَنْ أَخْرَجَ مِنْهَا المَرْعَى، وَخَلَقَ الجِبَالَ وَالآكَامَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي يَوْمَيْنِ آخَرَيْنِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {دَحَاهَا}، وَقَوْلُهُ: {خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ} فَجُعِلَتِ الأَرْضُ وَمَا فِيهَا مِنْ شَئ فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ، وخلق السَّمَوَات فِي يَوْمَيْنِ.

وقوله: {وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا} سَمَّى نَفْسَهُ بذَلِكَ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ، أَيْ: لَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ، فَإِنَّ اللهَ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا إِلَّا أَصَابَ بِهِ الذِي أَرَادَ، فَلَا يَخْتَلِفْ عَلَيْكَ القُرْآنُ، فَإِنَّ كُلًّا مِنْ عِنْدِ اللهِ. قَالَ البخاري: حدثنيه يُوسفُ بْنُ عَدِيٍّ، ثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنِ المِنْهَالِ بهذا) كذا هو ثابت في أصل الدمياطي، وفي "أطراف خلف" وكذا هو في "التهذيب" قال: وليس له عن ابن عدي في الصحيح غيره (١)،


(١) "تهذيب الكمال" ٣٢/ ٤٤١ - ٤٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>