للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال ابن الأعرابي: هو مأخوذ من الحسدل وهو القراد فهو يقشر القلب كما يقشر القراد الجلد فيمص الدم.

ومعنى الحسد هنا: شدة الحرص والرغبة من غير تمني زوالها عن صاحبها وهو المنافسة، وأطلق الحسد عليه؛ لأنهما سببه (١)، وسماه البخاري اغتباطًا؛ لأن من أوتي مثل هذا ينبغي أن يغبط به وينافس فيه، قَالَ تعالى: {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ} [النساء: ٣٢].

ثمَّ قَالَ: {وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ} وقد جاء في بعض طرق الحديث ما يبين ذَلِكَ فقال فيه: "فسمعه جار له فقال: ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان فعملت مثل ما يعمل" ذكلره البخاري في فضائل القرآن في باب: اغْتِبَاطِ صَاحِبِ القُرْآنِ من حديث أبي هريرة (٢)، فلم يتمنَّ السلب، وإنما تمنى أن يكون مثله، وقد تمنى ذَلِكَ الصالحون والأخيار.

وفيه قول ثان: أنه تخصيص لإباحة نوع من الحسد وإخراج له عن جملة ما حظر منه، كما رخص في نوع من الكذب، وإن كانت جملته محظورة فالمعنى لا إباحة لشيء من الحسد إلا فيما كان هذا سبيله، أي: لا حسد محمود إلا هذا، وقيل: إنه استثناء منقطع بمعنى لكن في اثنتين.

ثامنها:.

قوله: (عَلَى هَلَكَتِهِ) أي: (إهلاكه) (٣)، أي: إنفاقه في الطاعات كما سيأتي، والحكمة المراد بها القرآن والله أعلم، كما جاء في حديث


(١) "تهذيب اللغة" ١/ ٨١٢، "لسان العرب" ٢/ ٨٦٨، مادة: [حسد].
(٢) سيأتي برقم (٥٠٢٦).
(٣) في (ف) هلاكه.