للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ ابن عباس: فكل فرج سواهما فهو حرام (١)، قَالَ أبو عيسى: إنما (رويت) (٢): الرخصة عن ابن عباس ثم رجع عن قوله، حيث أخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٣).

قَالَ الحازمي: هذا إسناد صحيح لولا موسى بن عبيدة.

وأما ما يحكى عن ابن عباس فإنه كان يتأول في إباحته للمضطرين إليه بطول العزبة وقلة اليسار، ثم توقف عنه، فيوشك أن يكون سبب رجوعه عنه قول علي وإنكاره عليه.

وقد روينا أن ابن جبير قَالَ له: هل تدري ما صنعت وبما أفتيت؟ فقد سارت بفتياك الركبان، وقالت فيه الشعراء قَالَ: وما قالوا؟ قلت: قالوا:

قد قلت للشيخ لما طال مجلسه … يا صاح هل لك في فتيا ابن عباس

هل لك في رَخصة الأطراف آنسة … تكون مثواك حَتَّى يصدر الناس

فقال ابن عباس: إنا لله وإنا إليه راجعون، والله ما بهذا أفتيت، ولا هذا أردت، ولا حلَّلت إلا مثل ما أحل الله الميتة والدم ولحم الخنزير وما يحل للمضطرين، وما هي إلا كالميتة وشبهه (٤).

قَالَ الخطابي، فهذا يبين لك أنه سلك فيه مذهب القياس، وشبهه بالمضطر إلى الطعام الذي به قوام النفس وبعدمه يكون التلف، وإنما هذا من باب غلبة الشهوة، ومصابرتها ممكنة، وقد تحسم مادتها بالصوم والعلاج، فليس أحدهما في حكم الضرورة (٥).


(١) الترمذي (١١٢٢).
(٢) من (غ).
(٣) الترمذي عقب حديث رقم (١١٢١).
(٤) "الاعتبار" ص ١٣٨ - ١٣٩.
(٥) "معالم السنن" ٣/ ١٦٣ - ١٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>