للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي بعض الروايات أن عمر شكى عثمان إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "ينكح حفصة خير من عثمان، وينكح عثمان خيرًا من حفصة" فكان كذلك.

وفيه: كتمان السر، فإن أظهره الله أو أظهره صاحبه جاز للذي أسر إليه إظهاره، ألا ترى أنه - صلى الله عليه وسلم - لما أظهر تزويجها أعلم أبو بكر بما كان أسر إليه منه، وكذلك فعلته فاطمة - رضي الله عنها - في مرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين أسر إليها أنها أول أهله لحاقًا به فكتمته حين توفي، وأسر - صلى الله عليه وسلم - إلى حفصة تحريم مارية، فأخبرت حفصة عائشة بذلك، ولم يكن الشارع أظهره، فذم الله فعل حفصة، وقبول عائشة لذلك فقال: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا}. أي: مالت، وعدلت عن الحق.

وفي قول أبي بكر لعمر بعد تزويج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لها، لعلك وجدت علي، دليل عَلَى أن الرجل إذا أتى إلى أخيه بما لا يصلح أن يؤتى إليه من سوء المعاشرة، أن يعتذر ويعترف، وأن الرجل إذا وجب عليه الاعتذار من شيء وطمع بشيء يقوي حجته أن يؤخر ذَلِكَ حَتَّى يظفر ببغيته ليكون أَبْرأ له عند من يعتذر إليه.

وفي قول عمر - رضي الله عنه - له دليل عَلَى أن الإنسان يحتج بالحق عَلَى نفسه وإن كان عليه فيه شيء.

والمعنى الذي أسر أبو بكر عن عمر ما أخبره به الشارع هو أنه خشي أبو بكر أن يذكر ذلك لعمر ثم يبدو لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -[الإعراض] (١) عن نكاحها، فيقع في قلب عمر من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما وقع في قلبه من الصديق.


(١) زيادة يقتضيها السياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>