للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال عطاء: إذا شرطت أنك لا تنكح، ولا تتسرى، ولا تذهب، ولا تخرج، يبطل الشرط إذا نكحها (١).

وحملوا حديث عقبة على الندب واستدلوا على ذَلِكَ بقوله في صهره: "وعدني فوفى لي" فإنما استحق المدح؛ لأنه وفَّى له متبرعًا متطوعًا، لا فيما لزمه الوفاء به على سبيل الفرض.

قال ابن المنذر: وأصح من ذَلِكَ قول من أبطل الشرط وأثبت النكاح بحديث بريرة السالف، حيث أجاز البيع وأبطل الشرط، فلما أبطل من الشروط ما ليس في كتاب الله كان من اشترط شروطًا خلاف كتاب الله أولى أن تبطل (٢).

من ذَلِكَ أن الله أباح للرجال النكاح أربعًا ووطء ما ملكت يمينه بقوله: {إِلَّا على أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (٦)} [المؤمنون: ٦] فإذا شرطت تحريم ما أحل الله له بطل الشرط وثبت النكاح، ولما كان للرجل إذا عقد نكاح امرأة أن ينقلها حيث يصلح أن ينقل إليه مثلها ويسافر بها، كان اشتراطها عليه ذَلِكَ غير أحكام المسلمين في أزواجهم، وذلك غير لازم للزوج.

وأما معنى: "أحق الشروط" إلى آخره فيحتمل أن يكون معناه المهور التي أجمع أهل العلم على أن للزوج الوفاء بها، ويحتمل أن يكون ما شرط على الناكح في عقد النكاح، فيما أمر الله تعالى به من إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان، وإذا احتمل الحديث معاني كان


(١) رواه عبد الرزاق ٦/ ٢٢٩ (١٠٦١٨) عن ابن جريج قال: قلت لعطاء: رجل نكح امرأة وشرطت عليه: أنك إن نكحت أو تسريت أو خرجت بي فإن لي عليك كذا وكذا من المال. قال: فإن نكح فلها ذلك المال عليه؟ قال: هو من صداقها.
(٢) "الإشراف" ١/ ٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>