للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ، والنسيان، وما استكرهوا عليه".

ومما يبعد على الحنفيين من التناقض أنهم يجيزون طلاق المكره، ونكا حه، وإنكاحه، ورجعته (١)، وعتقه، ولا يجيزون بيعه، ولا ابتياعه، ولا هبته ولا إقراره (٢).

احتج لأبي حنيفة بما في مسلم عن حذيفة - رضي الله عنه - أن كفار قريش أخذوه وأباه، فقالوا: إنكما تطلبان المدينة. قال: وما كنا نريد غيرها.

فأخذوا منا عهد الله وميثاقه أنا لا نقاتلهم مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال لنا - عليه السلام - لما أخبرناه: "انصرفا نفي لهم بعهدهم، ونستعين الله عليهم" (٣).

فلما منعهم - عليه السلام - من حضور بدر مع الاحتياج إليهما منها استحلاف المشركين القاهرين لهما علي ما استحلفوهما، ثبت بذلك أن الحلف على الطواعية والإكراه سواء، وستعلم كلامه فيه في الإكراه.

وأما قوله: "إن الله تجاوز لي عن أمتي" فزعم الحنفيون أن ذلك في الإشراك خاصة؛ لأن القوم كانوا حديثي عهد بالكفر في دار كانت داركفر، فكان المشركون إذا قدروا عليهم استكرهوهم على الإقرار بالكفر، كفعلهم بعمار وغيره، وفي ذلك نزل: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ} [النحل: ١٠٦] أو ربما سهوا، فتكلموا بما جرت عليه عادتهم قبل الإسلام، وربما أخطئوا فتكلموا بذلك، فتجاوز الله عن ذلك؛ لأنهم كانوا غير مختارين ولا قاصدين له.


(١) ورد بهامش الأصل: في الأصل مرجعته وصوابه رجعته أو مراجعته.
(٢) "المحلى" ١٠/ ٢٠٣، ٢٠٥.
(٣) مسلم (١٧٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>