للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أبي حنيفة والشافعي (١) والظاهرية، كأنهم تعلقوا بالحديث السالف الصحيح في الباب: "إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها، مالم تعمل به أو تكلم". جعل ما لم ينطق به اللسان لغوًا لا حكم له، حتى إذا تكلم به يقع الجزاء عليه ويلزمه المتكلم به.

وفي "المحلى" أن ابن سيرين توقف في ذلك. وقال الزهري: هو طلاق، وهو رواية أشهب عن مالك (٢).

وحكاه ابن بطال عن ابن سيرين أيضًا، قال: والأظهر من مذهبه عدم الوقوع، قال: وهو قول جماعة أئمة الفتوى (٣).

قال ابن حزم: واحتج من ذهب إلى هذا القول إلى حديث: "إنما الأعمال بالنيات". أي: فجعل الأعمال مقرونة بالنيات. ولو كان حكم من أضمر في نفسه شيئًا حكم المتكلم به، كان حكم من حدث نفسه في الصلاة بشيء متكلمًا.

وفي إجماعهم على أن ذلك ليس بكلام مع الحديث الصحيح: "من صلى صلاة لا يحدث فيها نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه". دليل على أن حديث النفس لا يقوم مقام الكلام. قال: فيقال لهم: هذا حجة لنا عليكم؛ لأنه - عليه السلام - لم يفرد أحدهما عن الآخر، بل جمعهما جميعًا، ولم يوجب حكمًا بأحدهما دون الآخر.

وكذا يقول: إن من نوى الطلاق ولم يتلفظ به، أو لفظ به ولم ينوه، فليس ذلك طلاقًا حتى يلفظ به وينويه إلا أن يحضر نص بإلزامه بنية دون


(١) انظر: "المبسوط" ٦/ ١٤٣، "روضة الطالبين" ٨/ ٤٥ - ٤٦.
(٢) "المحلى" ١٠/ ١٩٨ - ١٩٩.
(٣) "شرح ابن بطال" ٧/ ٤١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>